وقال: ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ .
-ذلك أمر الله أنزله إليكم قوله يعني. -
وقال: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ يقول: جاء قولنا.
-يقول: جاء أمرنا يعني قولنا. -
باب: بيان ما فصل الله بين قوله وخلقه وأمره.
الباب هذا -أيضا- زيادة توضيح: أن الله تعالى فصل بين الخلق والأمر، زيادة لتوضيح الجواب يبين أن الله فصل بين الخلق والقول، وأنهما شيئان، وأن أحدهما لا يدخل في الآخر. فضيلة الشيخ: هل العذاب في القبر منصب على الروح فقط أم على البدن والروح؟
العذاب في القبر على الروح أغلب، والجسد يناله ما قدر له، فهو على الروح والجسد، إلا أن الروح ينالها أكثر.
وذهب المعتزلة إلى أن العذاب والنعيم على الروح، وهذا قول باطل، والصواب: أن كلا من النعيم والعذاب ينال الروح والجسد، إلا أن الروح أغلب، فالدور ثلاثة: دار الدنيا ودار البرزخ ودار القرار.
ففي الدنيا: الأحكام على الروح والجسد، على الجسد أغلب من الروح، الإنسان إذا ضرب الآن أو تألم يتألم الجسد أكثر، والروح تتألم في دار البرزخ بالعكس في القبر يتألم الروح أكثر من الجسد، وفي يوم القيامة يكون العذاب والنعيم على الروح والجسد على حد سواء، فإذًا الأحكام في البرزخ على الروح أكثر ، العذاب والنعيم على الروح أكثر، والجسد يناله ما قدر له؛ ولهذا الجسد يبلى ويصير ترابا والروح باقية في عذاب أو نعيم.
الروح تنقل، روح المؤمن تنقل إلى الجنة ، وروح الكافر تنقل إلى النار ولها صلة بالجسد، فإذن الأحكام من النعيم والعذاب في البرزخ على الروح أكثر، والجسد يناله ما قدر له، خلافا للمعتزلة القائلين بأن الأحكام تكون على الروح فقط.
فضيلة الشيخ يقول: هل الكفر كفران كفر عملي واعتقادي أم أنه واحد؟
نعم، الصواب أن الكفر كفران: كفر اعتقادي وكفر عملي، والاعتقادي يكون كفرا أكبر وكفرا أصغر، والعملي يكون كفرا أكبر ويكون كفرا أصغر، كل منهما إذا كان ينافي الدين بالكلية -ولو كان عمليا- يكون كفرا مثل ترك الصلاة،مثل لو داس المصحف بقدميه أو بال على المصحف هذا كفر -والعياذ بالله-.
والكفر الاعتقادي مثل من جحد -أنكر مثلا- وجود الله، جحد الأنبياء أو أنكر رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- أو ما أشبه ذلك، وقد يكون اعتقاديا مثل اعتقاده في الحلقة والخيط أنها سبب من الأسباب، هذا كفر أصغر، ومثل النياحة على الميت والطعن في النسب: اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت هذا كفر أصغر لا يخرج من الملة.
فضيلة الشيخ: أُشكل علينا قوله -تبارك وتعالى-: الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا هل نثبت لله من هذه الآية صفة النسيان؟
هذا من باب النسيان -هذا سبق في الآيات التي جمع بها الإمام أحمد - المراد ننساكم: نترككم في النار، نعاملكم معاملة المنسي؛ كما نسيتم لقاء يومكم هذا، كما نسيتم الاستعداد والعمل للقاء الله -عز وجل-، فإنهم ينسون، يعاملون معاملة المنسي؛ ولهذا قال العلماء: معنى ننساكم نترككم في النار، المراد بالنسيان: الترك، وإلا فالله تعالى لا يلحقه نسيان: لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا وسبق الجمع بين الآيات معنى ننساكم: نعاملكم معاملة المنسي، وإلا فالله لا ينسى شيئا، كما أنهم نسوا العمل عوملوا معاملة المنسي من باب المقابلة.
فضيلة الشيخ: هل يعتبر مَن يتتبع الرخص في أغلب أحواله من الزنادقة ؟
يقول العلماء: من يتتبع الرخص تزندق، يعني: الذي يطلب الرخص، ولهذا بعض الناس لما أتى بكتاب جمع فيه الرخص، الرخصة في مذهب الشافعي كذا، والرخصة... ، تتبع الرخص والسقطات، والرخصة في مذهب الحنابلة في مذهب المالكية في مذهب الأحناف ؛ يجد بعض الناس في بعض المذاهب يبيح"الغناء"، بعضها يبيح شيئا من الربا، بعضها يبيح شيئا من الإسكار، جمعها ورفعها إلى بعض الخلفاء؛ فقال أحد العلماء: من عمل بهذا تزندق، من تتبع الرخص تزندق: معناه أنه يتبع الهوى يعمل بهواه، ليس يعمل بشرع الله، يتتبع الرخص، كل رخصة زل بها عالم يأخذها ويعمل بها؛ يجد زلات كثيرة: هذا زل فأباح"الغنا"مثل ابن حزم وهذا زل فأباح"شيئا من الربا"، وهكذا... فيعمل بهذه الزلات؛ فيكون متزندقا، متحللا من الدين، هذا معناه.
يقول: هل يجوز نسبة الأفعال إلى صفات الله مثل قوله: اقتضت حكمة الله، واقتضت مشيئة الله؟
نعم، اقتضت حكمة الله كذا، هذا جائز جاء ما يدل على جوازه، حكمة الله اقتضت كذا،أما اقتضت مشيئة الله ، أرادت مشيئة الله ، لا، ما يقال، لكن يقال: حكمة الله كذا، شاء الله كذا، وأراد كذا.
وكذلك: أجبرتني الظروف، وجار علي الزمان؟
لا، أخشى أن هذا من سب الدهر، ما ينبغي أن يقول:"جار علىّ الزمان"، وإنما يصبر ويحتسب ويسلم القضاء لله، ويقول: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .
هل تجوز الصلاة خلف من يؤمن بعقيدة المعتزلة والجهمية ؟
هذا كما سبق الآن لا ينبغي أن يُصلى خلف الجهمي والمعتزلي، الإنسان يحتاط؛ لأن هنا من كفّر المعتزلة والجهمية كذلك، لكن إذا قامت عليه الحجة ما تصح الصلاة خلفه.
كيف نجمع بين قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى وبين قوله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله ينزل في الثلث الأخير من الليل ؟
لا منافاة بينهما الله تعالى استوى على العرش وهو على العرش حقيقة، وينزل نزولا يليق بجلاله وعظمته، لا نكيف، لا ينشأ الإشكال إلا من كيف، ما فهم من نزول الخالق إلا كما تفهم من نزول المخلوق- جاء الإشكال، أما إذا قلت: ينزل نزولا يليق بجلاله وعظمته وهو فوق العرش؛ نصوص الفوقية هذه نصوص محكمة ما فيها إشكال، الله فوق العرش، والنزول فعل من أفعال الله وصفة من صفات الله يليق بجلاله وعظمته، لا يكيف، وهو ينزل، وهو سبحانه فوق العرش نزولا يليق بجلاله وعظمته، لا نكيف ولا نعلم الكيفية.
هل صح عن ابن كثير -رحمه الله تعالى- أنه أول الصفات، مع العلم أن هناك كتابا ألفه البعض وسماه:"ابن كثير بين التفويض والتأويل"؟
المعروف أن الحافظ ابن كثير -رحمه الله - من علماء السلف، وأن تفسيره سليم، ما نعرف أن ابن كثير يؤول، ابن كثير -رحمه الله - من علماء السلف، من علماء السنة ومن المحدِّثين ومن الأئمة، وتفسيره يمثل معتقد أهل السنة والجماعة
فهذا الشخص الذي ألف"ابن كثير بين التفويض والتأويل"ينظر في كتابه، يحتمل أن هذا الشخص هو واهم وغلطان، ومعروف أن الحافظ ابن كثير ليس من المؤولين.
هل نقول ابن حجر من الأشاعرة أم أنه وافق الأشاعرة في مسألة الصفات فقط؟
يحتاج إلى مراجعة كلامه في"فتح الباري شرح البخاري"له تأويلات يوافق الأشاعرة تأويل صفات الغضب وغيرها، وأحيانا يكون مع أهل السنة قد يكون متذبذبا، القول بأنه من الأشاعرة يحتاج إلى تأمل ونظر في معتقده، وفي كلامه، أما كونه يوافق الأشاعرة نعم يوافقهم في تأويل بعض الصفات، وكذلك النووي -رحمه الله - وهم علماء كبار، ظنوا أن هذا هو الحق واجتهدوا؛ لأنهم لم يوفّقوا في سن الطلب، لم يوفقوا لمن ينشئهم على مذهب أهل السنة والجماعة ؛ فظنوا أن هذا هو الحق، ولهم أعمال جليلة، وهم علماء كبار، لهم اليد الطولى في الحديث وفي مصطلح الحديث، نفعوا الأمة، نسأل الله أن يعفو عنا وعنهم، وأن يغفر لنا ولهم، نعم.
في المثال الخامس عشر قوله تعالى: لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ وقال: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ فهل يمكن أن نقول: إن طعام الكفار كله من ضريع، وهذا للعموم، والآية الثانية خصت الأثيم بالزقوم؟
سبقت الأجوبة، وقلنا: إن الإمام أحمد أجاب بأن لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ذلك اليوم، والزقوم بعد ذلك، سبق الأجوبة، وأن عذاب الكفار متنوع، وأن منهم من له الزقوم، ومنهم من له الضريع، ومنهم من له الغسلين، سبق الكلام.
ما صحة هذه المقولة:"العمل أو القول إذا كان كفرا لا يلزم من صاحبه أن يكون كافرا؟"
نعم، قد تكون المقالة كفرا، ولا يلزم أن يكون صاحبها كافرا؛ إذا كان متأولا ولم تقم عليه الحجة، فيقال: المقالة كفر والشخص لا يكفر؛ حتى تقام عليه الحجة، حتى تزول الموانع، قد يقول بعض الناس كلمة تكون كفرية ولا يكفر الشخص لكونه معذورا.
يقوم بعض الناس بالوعظ على القبر عند دفن الميت فهل يُعد هذا من البدع؟
إذا قام بعد الدفن ليدعو له؛ فهذا جاء في الحديث، النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: استغفروا لأخيكم واسألوا الله له التثبيت فإنه الآن يُسأل والله تعالى يقول في المنافقين: وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ فالمؤمن يُقام على قبره بعد الدفن ويُدعى له، والمنافق لا يُقام على قبره ولا يُدعى له.