الجواب: أما قوله: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ وفذلك أن هؤلاء المشركين، إذا رأوا ما يتجاوز الله عن أهل التوحيد، يقول بعضهم لبعض: إذا سألنا نقول: لم نكن مشركين، فلما جمعهم الله، وجمع أصنامهم، وقال: أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ قال الله: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ فلما كتموا الشرك ختم الله على أفواههم، وأمر الجوارح فنطقت بذلك، فذلك قوله: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ وأخبر الله -عز وجل- عن الجوارح أنها شهدت، فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة
إذًا الجواب: أجاب الإمام -رحمه الله- عن الجمع بين الآيتين بأن المشركين لما رأوا ما يتجاوز الله عن أهل التوحيد يقول: قال بعضهم لبعض: إذا سألنا نقول: لم نكن مشركين، فلما جمعهم الله وجمع أصنامهم، وقال: أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ قال الله: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ .
فلما كتموا الشرك ختم الله على أفواههم، وأمر الجوارح فنطقت، فذلك قوله: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ فعلى هذا يكون الكتمان كتمان الشرك بالنسبة للألسن، والتكلم بالنسبة للجوارح.
فإذًا قولهم: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ هذا قالوه بألسنتهم وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا بجوارحهم التي نطقت، وأما كتمانهم الشرك هذا محمول على الألسن.
هذا ما أجاب به الإمام، وهناك جواب آخر، وهو أن مشاهد القيامة متعددة في بعض المواقف يكتمون، وفي بعضها لا يكتمون يتكلمون؛ لأن يوم القيامة يوم عظيم، يوم طويل.