الجواب: أما قوله: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ يقول: عبادي الذين استخلصهم الله لدينه ليس لإبليس عليهم سلطان أن يضلهم في دينهم، أو في عبادة ربهم، ولكن يصيب منهم من قِبَل الذنوب، فأما في الشرك، فلا يقدر إبليس أن يضلهم عن دينهم، لأن الله -سبحانه- استخلصهم لدينه.
وأما قول موسى قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ يعني من تزيين الشيطان كما زين ليوسف وآدم وحواء، وهم عباد الله المخلصون، هذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة
إذًا الجواب الذي أجاب عليهم -رحمه الله- بقوله: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ يقول: عبادي الذين استخلصهم الله لدينه ليس لإبليس عليهم سلطان أن يضلهم في الشرك، وعبادة غير الله خاصة، لكن قد يصيب منهم شيئًا دون الشرك: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ يعني: أن تضلهم عن عبادة غير الله، أو توقعهم في الشرك.
وأما قول موسى قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ وهو من تزيين الشيطان، معصية دون الشرك، وأيضا هذه الحادثة التي وقعت لموسى قبل النبوة، قتل موسى للقبطي لما استنصر به الإسرائيلي هذا قبل النبوة: وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ .
بعد ذلك: وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ثم ذهب إلى مدين، وحصل له القصة مع الرجل الصالح، وأنه زوَّجه إحدى ابنتيه ورعى الغنم ثماني سنين أو عشر، وبعد ذلك فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا فلما جاء عند النار عند الجبل نبَّأه الله -عز وجل-، إذًا النبوة والرسالة بعد ذلك، وقتله النفس كان قبل النبوة ثم هذه معصية وليس شركًا، هذا هو الجمع بينهما.
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ يعني في الشرك، وعبادة غير الله هذا من عمل الشيطان، تزيين المعصية، يقول المؤلف: كما زين ليوسف، يوسف زين له الشيطان، كيف زين المعصية ليوسف ؟
قوله: وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ولهذا الأفضل إذا وقفت على الآية تقرأ: وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ثم تقف وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ هم: هذا من تزيين الشيطان، الهم، كذلك آدم وحواء، معروف أنه زين لهم الأكل من الشجرة فَأَكَلَا مِنْهَا .