أما قوله: وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى يعني عن حجته قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى عن حجتي وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا بها مخاصمًا بها فذلك قوله: فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ يقول: الحجج فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ .
وأما قوله: فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ وذلك أن الكافر إذا خرج من قبره شخص بصره، ولا يطرف بصره حتى يعاين جميع ما كان يكذب به من أمر البعث، فذلك قوله: لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ يقول: غطاء الآخرة، فبصرك يحد النظر، لا يطرف حتى يعاين جميع ما كان يكذب به من أمر البعث، فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة
إذًا الإمام جمع بينهما في الآية الأولى وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى يعني: أعمى عن الحجة، عن حجته قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى يعني: عن حجتي وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا بها مخاصمًا بها، أعماه الله عن حجته، فلا يستطيع، وذلك مثل قوله تعالى: فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ يعني: الحجج، ضاعت عنهم الحجج، أعمى عن حجته، خذله الله، لهذا قال سبحانه: فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ ضاعت حجتهم.
وأما قوله تعالى: فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ هذا حينما يبعث الكافر، وذلك أن الكافر إذا خرج من قبره، شخص بصره ولا يطرف بصره حتى يعاين جميع ما كان يكذب به من أمر البعث، يقول: ما في بعث ولا جزاء، ولا حساب ولا جنة ولا نار، ولا وقوف بين يدي الله.
فإذا خرج من قبره شخص بصره، فرأى كل شيء، رأى أنه بعث، أنه وقف بين يدي الله، ورأى الحساب هذا معنى قوله فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ يعني لا يطرف بصره حتى يعاين جميع ما كان يكذب به من أمر البعث، وذلك قول الله -عز وجل- لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ كان في غفلة، ثم بعد ذلك لما بعث صار بصره حديدا، فصار يعاين جميع ما يكذب به من أمر البعث، فزال الإشكال.
هل يجب هجر الأشاعرة الذين ينكرون استواء الله -عز وجل- على العرش على الإطلاق؟
هذا يختلف، الهجر لأهل البدع، وأهل المعاصي فيه كلام لأهل العلم، من العلماء من قال: إنهم يهجرون، وقال: إنه سنة مؤكدة كما ذكر عبد القوي في منظومته، وأنه ينبغي أنه يهجر أهل البدع، وأن يلقاهم بوجه مكفهر، أهل البدع وأهل المعاصي.
ومنهم من قال: واجب، ومن العلماء من قال: إن الهجر إنما يستعمل إذا كان أنفع للعاصي، وإذا كان يرتدع فلا بأس؛ لأن الهجر كالدواء يشفي كالدواء، إذا كان علاجا استعمله، وإذا كان غير علاج فلا تستعمله، فإذا كان إذا هجرته ترك المعصية، وترك البدعة فاهجره.
وإذا كان لا يفيده فلا تهجره؛ لأن بعض الناس يزيد شره إذا هجرته، يفرح، قبل أن تهجره كان يراعيك، ولا يتجاهر ببعض المعاصي، فإذا هجرته فرح وجاهر بالمعاصي ولا يبالي، هذا لا تهجره، استمر في نصيحته، فإذا كان الهجر يفيد استعمله واهجره، إذا كان تخف المعاصي وتقل المعاصي والبدع فاهجره، وإذا كان يزيد الشر، لا تهجره، استمر.
والنبي -صلى الله عليه وسلم- هجر الثلاثة الذين خلفوا وهم: كعب بن مالك وصاحباه مرارة بن الربيع نعم وهلال بن أمية هجرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- خمسين ليلة ولم يهجر المنافقين؛ لأن المنافقين لا يفيد فيهم الهجر، فالنبي هجر وترك.
هذا ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية والمحققين من أهل العلم أن الهجر يستعمل كالدواء، إذا كان يفيد اهجر، وإذا كان لا يفيد لا تهجر، إذا كان الهجر يخفف المعاصي والبدع اهجر، وإذا كان يزيد استمر في النصيحة ولا تهجر.
وهذا يقول: هناك رجل يقال له الدكتور طارق السويدان مما راجت أشرطته في الآونة الأخيرة، لما يتميز به من أسلوب بياني في تصوير الأحداث، ولقد سمعنا أن بعض المشايخ يحذر من هذا الشخص، وأشرطته فما نصيحة فضيلتكم، وما وجه الاعتراض عليه؟
والله أنا ما سمعت لأشرطة كثير، لكن سمعت شيئا يسيرا من بعض الأشرطة، فتبين لي أن الرجل ليس بطالب علم، وأن كلامه ليس بطيب، وسمعت أن له أشرطة في الصحابة وأشرطة تخالف معتقدات السنة والجماعة، فإذا كان هذا صحيحا ينبغي تركه.
لكن لا أستطيع أحكم على أشرطة أخرى، لكن حسب ما سمعت أن الرجل ليس بطالب علم، وأنه يتكلم بغير علم شرعي، ليس من أهل العلم المعتبرين، فلا ينبغي الاعتماد عليه، وإنما يعتمد على كلام أهل العلم، وكتب أهل العلم المعروفين، المشهود لهم بالعلم والخير والرسوخ في العلم، والأمانة والورع والديانة.
ما وُجِدَ إلا طارق السويدان تسمع له اسمع للعلماء غيره، اتركه، اتركه اسمع للعلماء المعروفين المشهود لهم بالخير والعلم والرسوخ في العلم. وذلك بالرجوع لكتب العلم كالسيرة للإمام محمد بن عبد الوهاب وسيرة ابن هشام البداية والنهاية، ارجع إلى كتب العلماء السابقين، والعلماء -أيضًا- المعاصرين المعروفين بالعلم والمشهود لهم بالخير.
أما هذا الذي تشك فيه، أو فيه إشكال اتركه دع ما يريبك إلى ما لا يريبك .
يقول بعض الناس: إن سماحة الشيخ ابن باز بأنه حذر منه، ولكن أنا ما سمعت هذا، ولكن إذا ثبت أن الشيخ ابن باز حذر منه ينبغي ترك أشرطته.
هل للزنادقة وجود في هذا العصر ؟
نعم الزنادقة الجهمية الجهمية هم الزنادقة والملاحدة موجودون في كل عصر، يسمون في هذا العصر العلمانيين هم الزنادقة وهم المنافقون، وهو الذي يبطن الكفر ويظهر الإيمان، ومنهم الجهمية سماهم الإمام أحمد زنادقة الذين يقولون: إن الله حال في كل مكان، وينكرون الأسماء والصفات، واستواء الله على عرشه، موجودون الآن حتى يقولوا: إن بعض المدرسين جهمية وبعضهم معتزلة وبعضهم أشاعرة قال بعض المدرسين: ما أدري ربي في الأرض أم في السماء، أي أنه حالّ في كل مكان، فهذا من الزنادقة نسأل الله السلامة والعافية.
قول الله -تعالى- عن فرعون فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً هل هذا يدل على أن فرعون باق جسده إلى الآن؟
الله أعلم، لكن ظاهر الآية أن الله نجّاه، وأن الناس رأوه، أما كونه باقيا إلى الآن فالله أعلم، مضى سنون ودهور، الله أعلم، من يستطيع أن يجزم بأن الجسد باقٍ إلى الآن، لكن الله -تعالى- نجاه، يحتاج إلى مراجعة التفسير في هذا، لكن ظاهر الآية أن الله نجاه، ورآه الناس في ذلك الوقت، أما كونه باقيا إلى الآن فالله أعلم.
هل يجوز أن نقول: إن السد الذي بناه ذو القرنين اندك، وإن يأجوج ومأجوج مخالطون للناس الآن، وهل يجوز القول: إنهم هم الصينيون ؟
الله -تعالى- يقول: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا فالآية فيها أنهم لا يخرجون على الناس إلا في آخر الزمان بعدما ينزل عيسى ابن مريم ليس بصحيح هذا، فهم لا يخرجون إلا في آخر الزمان إذا نزل عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام- في زمنه، ويحكم بشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم-.
حينما تأتي أشراط الساعة الكبار التي أولُها المهدي، ثم الدجال ثم عيسى نزول عيسى ثم يأجوج ومأجوج في ذلك الوقت يخرجون على الناس.
أما القول: بأنهم الصينيون الآن فمعناه أنهم خرجوا على الناس هذا معناه تكذيب للنصوص، التي فيها أنهم لا يخرجون إلا في عيسى معناه أنهم خرجوا على الناس الآن والرسول أخبر بأنهم يخرجون في زمن عيسى وأنهم يفسدون في الأرض، وأنهم يأتون يشربون المياه، ولا يبقون فيها شيئًا، ثم يمر آخرهم ويقول: لقد كانت في هذه المرة ماء، كل هذا يحصل بعد نزول عيسى في آخر الزمان.
ذكرتم في أول الدرس قول الله -تعالى-: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ وذكرتم أن أهل السنة قالوا: إن التبديل هو تبديل صفة بصفة لا تبديل ذات بذات، فعلى أي أساس حمل على التغيير مع أن الظاهر هو ذات بذات تبديل؟
تبديل صفات ما هو صفة بصفة، تبديل صفات يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ هكذا قرر أهل العلم؛ وهكذا فهم العلماء، لأن النصوص ليس فيها دليل على أن هناك أرض أخرى، وأنه يؤتى بهذه الأرض، تزال هذه الأرض، ما فيه دليل أن هذه الأرض تزول بالمرة، وأنها تفنى، ثم يأتي بأرض أخرى هذا هو السبب.
أن الآية فيها تبديل ولا فيها إثبات إعدام لأرض، وإبدال أرض بدلها، وإنما فيها التبديل فقط، ولو كان المراد أرضا أخرى لجاء ما يدلنا على أن الأرض تفنى وتعدم، ويؤتى بأرض أخرى، وليس في هذا دليل على ذلك.
وهذا يقول: هل يجوز أكل ثمر أشجار سقيت بماء بئر قوم ثمود ؟
الله أعلم، قوم ثمود النبي -صلى الله عليه وسلم- لما مر بهم قال: لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا أنفسهم، إلا أن تكونوا باكين فإن لم تبكوا فتباكوا، خشية أن يُصيبكم ما أصابهم ولما عجنوا من الماء منها، أمرهم -عليه الصلاة والسلام- أن يُعلفوه الإبل العجين.
فهذا ظاهر أنه لا ينبغي أن يؤخذ من مائها، أما هذا يسقى من مائها الثمار، فهذا الله أعلم يحتاج إلى دليل كيف يسقى بها الأشجار؟ يؤخذ من مائها؟
هذه مسألة تُرفع إلى هيئة كبار العلماء، يصدر فيها فتوى، هذه مسائل ليست مسألة فردية، لا بد يبعث لجنة ينظرون في الأمر، وفي الواقع ويصورونه ويدرسونه، ثم بعد ذلك يأتي الجواب على قدر الحالة، والصفة التي هي بها.
ما المقصود من قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في المطر: إنه قريب عهد بربه ؟، وهل يخالف هذا العلم الحديث بأن المطر عبارة عن تكثف البخار الناتج من الأنهار والبحار؟ وجزاكم الله خيرًا.
لا يخالف هذا، إذا كان جزء منه يأتي من البحار، ثم انعقد في جهة العلو فهو حديث عهد بربه، بمعنى أنه جاء من جهة العلو، والله -سبحانه- في جهة العلو، وهذا من الأدلة التي فيها إثبات العلو، وأن الله فوق السماوات،"حديث عهد بربه"أنه جاء من جهة العلو، وإن كان أصله انعقد من البحار، أو بعضه قد يكون بعض السحاب من البحار، وبعضها من غير البحار، ولو كان بعضها انعقد البخار من البحار، ثم صعد إلى فوق، يشمله الحديث أنه جاء من جهة العلو، لأنه جاء من جهة العلو، والله -سبحانه- في جهة العلو، فلا مانع ولا منافاة.