فهرس الكتاب
الصفحة 64 من 180

استدراك الجهم حجة مثل حجج النصارى

ثم إنه استدرك حجة مثل حجة زنادقة النصارى وذلك أن زنادقة النصارى يزعمون أن الروح الذي في عيسى هو روح الله من ذات الله، فإذا أراد أن يحدث أمرًا دخل في بعض خلقه فتكلم على لسان خلقه، فيأمر بما شاء وينهى عما شاء، وهو روح غائب عن الأبصار.

فاستدرك الجهم حجة مثل هذه الحجة، فقال للسُّمني: ألست تزعم أن فيك روحًا؟ قال: نعم. فقال: فهل رأيت روحك؟ قال: لا. قال: فسمعت كلامه؟ قال: لا. قال: فوجدت له حسًا ومجسا؟ قال: لا. قال: فكذلك الله لا يُرى له وجه، ولا يسمع له صوت، ولا يشم له رائحة، فهو غائب عن الأبصار، ولا يكون في مكان دون مكان، ووجد ثلاث آيات في القرآن من المتشابه.

قال الإمام:"ثم إن الجهم استدرك حجة مثل حجة زنادقة النصارى"، الزنديق -كما سبق-: هو المنافق قد يكون المنافق من النصارى قد يكون من المسلمين ينتسب إلى الإسلام وهو زنديق، وقد ينتسب إلى النصارى فإن بولص زنديق، ودخل في دين النصارى ليفسد دين النصارى كذلك عبد الله بن سبأ اليهودي الحميري في زمن عثمان بن عفان دخل في الإسلام نفاقا، منافق يهودي خبيث، دخل في الإسلام نفاقا؛ ليفسد دين الإسلام.

كما أن بولص دخل في دين النصارى نفاقًا؛ ليفسد دين النصارى فالزنديق قد يكون من النصارى منافق ليفسد دين النصارى وقد يكون من المسلمين ليفسد دين المسلمين

عبد الله بن سبأ اليهودي أظهر دين الإسلام وأبطن الكفر وهو يهودي ليفسد دين الإسلام، وسعى في الفتنة حتى تمكن من قتل عثمان -رضي الله عنه- الخليفة الراشد.

وهذا بولص كذلك دخل في دين النصارى فأفسده، فالجهم استدرك حجة مثل حجة زنادقة النصارى ؛ وذلك أنهم يزعمون أن الروح التي في عيسى هو روح الله، من ذات الله، فإذا أراد أن يحدث أمرًا دخل في بعض خلقه فتكلم على لسان خلقه، فيأمر بما شاء، وينهى عما يشاء، فهو روح غائب عن الأبصار.

النصارى يزعمون أن الروح التي في عيسى هو روح الله، من ذات الله، يزعمون أن عيسى جزء من الله -والعياذ بالله- هكذا يزعم النصارى يقولون: إن عيسى كلمة الله، يعني: هو نفسه كلمة جزء من الكلمة، فيكون جزءا من الله، وهذا من أبطل الباطل.

الصواب أن عيسى ليس هو الكلمة بل هو مخلوق من الكلمة، كما قال الله تعالى: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فعيسى ليس هو الكلمة، بل هو مخلوق من الكلمة، قال الله له: كن فكان.

النصارى يقولون: عيسى نفس الكلمة، كلام الله، كلام الله صفة من صفاته، فجعلوا عيسى نفس الكلمة، يعني: جزءا من الله -نعوذ بالله- فزنادقة النصارى يزعمون أن الروح الذي في عيسى هو روح الله، من ذات الله يعني جزءا من الله، فإذا أراد أن يحدث أمرًا دخل في بعض خلقه، فتكلم على لسان خلقه، فيأمر بما شاء وينهى عما شاء، وهو روح غائب عن الأبصار.

الجهم استدرك مثل هذه الحجة، فقال للسمني الذي لا يؤمن إلا بالحسيات: ألست تزعم أن فيك روحًا أيها السمني؟ قال: نعم. قال: هل رأيت روحك؟ قال: لا. قال: فسمعت كلامه؟ قال: لا. قال: فوجدت له حسا أو مجسا؟ قال: لا. قال: فكذلك الله لا يُرى له وجه، ولا يسمع له صوت، ولا يشم له رائحة، وهو غائب عن الأبصار، ولا يكون في مكان دون مكان.

كما أنك الآن فيك روح ولا تراه ولا تدركه بإحدى الحواس الخمس، فكذلك الله لا يدرك بإحدى الحواس الخمس، فقال: كذلك الله لا يُرى له وجه ولا يسمع له صوت ولا يُشم له رائحة، وهو غائب عن الأبصار، ولا يكون في مكان دون مكان، يعني يكون في جميع الأرجاء، هذا على القول بالحلول، هذا على القول بالحلول، يعني أنه حالٌّ في كل مكان سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام