فهذا خبر الله أخبرنا أنه في السماء، ووجدنا كل شيء أسفل منه مذمومًا، يقول الله -جل ثناؤه-: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ .
وقلنا لهم: أتعلمون أن إبليس كان مكانه، والشياطين مكانهم، فما كان الله وإبليس ليجتمعا في مكان واحد، وإنما معنى قوله -جل ثناؤه-: وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يقول: إله من في السماوات، وإله من في الأرض، وهو على العرش، وقد أحاط بعلمه دون العرش، ولا يخلو من علم الله مكان، ولا يكون علم الله في مكان دون مكان، فذلك قوله: لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا .
إذن، أجاب الإمام -رحمه الله- قال: أنتم أيها الجهمية تقولون: إن الله في كل مكان، في الأسفل، وفي الأعلى.
أجاب الإمام قال: ووجدنا كل شيء أسفل مذموما، أتجعلون الله مع المذمومات؟! تعالى الله.
يقول الله -جل ثناؤه-: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ .
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ .
إبليس أين مكانه والشياطين؟ أسفل. فلم يكن الله ليجتمع وإبليس في مكان واحد، تعالى الله.
ثم أجاب على استدلالهم بالآية: وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ .
قال: المعنى: هو إله من في السماوات، وإله من في الأرض، وهو -سبحانه- فوق العرش، معبود من في السماوات، ومعبود من في الأرض، وقد أحاط بعلمه دون العرش، ولا يخلو من علم الله مكان، ولا يكون علم الله في مكان دون مكان.
علمه شامل لكل شيء، في كل مكان، أما ذاته -سبحانه- فهو فوق العرش.
بعض المفسرون فسر: وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ قال: علمه في السماء كما أن علمه في الأرض، والإمام هنا فسرها: معبود من في السماء، ومعبود من في الأرض، وعلمه في كل مكان؛ ولهذا قال -سبحانه-: لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ثم ذكر تنظير.