فهرس الكتاب
الصفحة 125 من 180

رد شبهة خلق السماوات والأرض وما بينهما

فقلنا له: أليس إنما أوقع الله جل ثناؤه الخلق على المخلوق ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما؟ فقالوا: نعم. فقلنا: هل فوق السماوات شيء مخلوق؟ قالوا: نعم. قلنا: فإنه لم يجعل ما فوق السماوات مع الأشياء المخلوقة، وقد عرف أهل العلم أن فوق السماوات السبع الكرسي والعرش واللوح المحفوظ والحجب وأشياء كثيرة، ولم يسمها، ولم يجعلها مع الأشياء المخلوقة، وإنما وقع الخبر من الله على السماوات والأرض وما بينهما.

وقلنا فيما ادعوا أن القرآن لا يخلو أن يكون في السماوات أو في الأرض أو في ما بينهما، فقلنا: إن الله تبارك وتعالى يقول: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ والحق الذي خلق به السماوات والأرض هو قوله: إن الله يقول الحق وقال: وَالْحَقَّ أَقُولُ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ .

فالحق الذي خلق به السماوات والأرض قد كان قبل السماوات والأرض، والحق قوله وليس هو قوله مخلوقا.

إذن الجواب كان من وجهين:

الوجه الأول: قلنا: هل فوق السماوات شيء مخلوق؟ قالوا: نعم. فقلنا: فإنه لم يجعل ما فوق السماوات مع الأشياء المخلوقة، وقد عرف أهل العلم أن فوق السماوات السبع: الكرسي والعرش واللوح المحفوظ والحجب وأشياء كثيرة ولم يسمها، ولم يجعلها مع الأشياء المخلوقة.

وإنما وقع الخبر من الله على السماوات والأرض وما بينهما، يعني يقول الإمام -رحمه الله-: هناك أشياء فوق السماوات مخلوقة، ولم يذكرها الله، ما هي التي فوق السماوات؟ الكرسي مخلوق، والعرش مخلوق، واللوح المحفوظ مخلوق، والحجب التي احتجب الله بها عن خلقه، حجب كثيرة جاء فيها آثار كثيرة أن الله احتجب عن خلقه بأشياء: بالظلمة، وبرد، وثلج، ونار، ونور، وأشياء كثيرة مخلوقة احتجب الله عن خلقه، فالحجب مخلوقه، واللوح المحفوظ مخلوق، والعرش مخلوق، والكرسي مخلوق.

فالله تبارك وتعالى في قوله: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ إنما أراد أن يبين خلق السماوات والأرض وما بينهما فقط، ولم يذكر خلق ما سواهما.

فليس المراد الحصر، بل هناك مخلوقات غير السماوات والأرض وما بينهما، فليس المراد الاستيعاب؛ ولهذا فإن هناك أشياء لم يسمها، ولم يجعلها مع الأشياء المخلوقة، وإنما وقع الخبر من الله على السماوات والأرض وما بينهما مخلوقة.

وهناك أشياء سكت الله عنها وإن كانت مخلوقة كالكرسي والسماوات والحجب واللوح والقلم إلى غيرها، فهذه مسكوت عنها وإن كانت مخلوقة، فالقرآن أيضا مسكوت عنه، وهو غير مخلوق، وإنما أراد الله أن يخبر عن السماوات والأرض وما بينهما فقط، هذا الجواب الأول.

الجواب الثاني: في قوله: وقلنا فيما ادعوا أن القرآن لا يخلو أن يكون في السماوات أو في الأرض أو في ما بينهما، فقلنا: إن الله تبارك وتعالى يقول: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ والحق هو قول الله، وقول الله غير مخلوق، الله تعالى أخبر عن خلق السماوات والأرض فقال: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ .

والحق هو قول الله، وقول الله غير مخلوق، فالسماوات والأرض وما بينهما مخلوقة بكلام الله، وكلام الله غير مخلوق.

والحق الذي خلق به السماوات والأرض هو قوله: وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وقال: وَالْحَقَّ أَقُولُ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ فالحق الذي خلق به السماوات والأرض قد كان قبل السماوات والأرض، والحق الذي خلق به السماوات والأرض هو قول الله وكلامه وليس هو قوله مخلوقا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام