شبهتهم في تعدد طعام أهل النار وإفراده (تابع)
الجواب: أما قوله: لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ يقول: ليس لهم طعام في ذلك اليوم إلا من ضريع، ويأكلون الزقوم في غير ذلك اليوم، وذلك قوله: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة
نسأل الله العافية، إذًا الجواب الذي أجاب به الإمام -رحمه الله- عن الآيتين: لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ يقول: ليس لهم طعام في ذلك اليوم خاصة لكن في غير ذلك اليوم يأكلون من الزقوم، فهذا معنى قوله: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ وشجرة الزقوم يقال: هي الشبرق وهي شجرة لا تأكلها البهائم فضلًا عن الآدميين، هذا الذي ذهب إليه الإمام رحمه الله.
وهناك أيضا جواب آخر أو جمع آخر بين الآيات عندنا لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ وفي آية أخرى: وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ وهو صديد أهل النار، وفي آية إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ هناك جواب آخر أجاب العلماء وهو أن العذاب ألوان، والمعذبون طبقات، فمنهم من لا طعام له إلا من غسلين، ومنهم من لا طعام له إلا من الضريع، ومنهم من لا طعام له إلا الزقوم، ويدل لهذا قول الله -عز وجل-: لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ .
إذًا على هذا الجواب يكون العذاب ألوان، والمعذبون طبقات المعذبون طبقات، وقيل المعنى: لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ قيل المعنى: لا طعام لهم أصلا؛ لأن الضريع لا يصدق عليه اسم الطعام، ولا تأكله البهائم، فأحرى ألا يأكله الآدميون، وكذلك الغسلين وكذلك الزقوم ليس بطعام، فمن طعامه الضريع لا طعام له، ومن طعامه الزقوم لا طعام له، ومن طعامه الغسلين لا طعام له، فكأن الله -تعالى- قال: لا طعام كما أن فلان لا ظل له إلا الشمس و لا دابة له إلا ثوبه يعنون- والمعنى لا ظل له أصلا، ولا دابة له أصلا، فعلى هذا القول نفى الطعام لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ .
المعنى أنه لا طعام لهم؛ لأن هذا لا يصدق عليه اسم الطعام، فيكون له ثلاث أنواع من الإجابة في الجمع بين الآيات.