فهرس الكتاب
الصفحة 44 من 180

شبهتهم في إثبات أشد العذاب لأكثر من طائفة (تابع)

الجواب: أما قوله: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ أي: أشد عذاب ذلك الباب الذي هم فيه. وأما قوله: فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ وذلك أن الله مسخهم خنازير، فعذبهم به ما لم يعذب أحدًا سواهم من الناس.

وأما قوله: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ لأن جهنم لها سبعة أبواب: جهنم، ولظى، والحطمة، وسقر، والسعير، والجحيم، والهاوية. وهم في أسفل درك منها.

إذًا الجواب، أجاب الإمام -رحمه الله- بأن آية غافر: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ أنها محمولة على أشد عذاب ذلك الباب الذي هم فيه، قال: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ لأن جهنم أبواب فهم عذابهم أشد عذاب ذلك الباب الذي هم فيه.

وأما آية المائدة: فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ فهو محمول على نوع العذاب الذي عُذبوه وهو المسخ، مسخهم الله خنازير، وهذا نوع خاص بهم، ما عذب به غيرهم.

والآية الثالثة آية النساء: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ لأن جهنم لها سبعة أبواب، وهي: جهنم، ولظى، والحطمة، وسقر، والسعير، والجحيم، والهاوية، وهذه الأبواب كانت دركات، والمنافقون في الدرك الأسفل منها، نسأل الله السلامة والعافية هذا الجواب الذي أجاب به الإمام رحمه الله.

وهناك جواب آخر، وهو أن آية غافر: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ وآية النساء: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ لا منافاة بينهما، كل من آل فرعون والمنافقين في أسفل دركات النار، في أشد العذاب، كل منهم استوى، استوى آل فرعون واستوى المنافقون في أن كلا منهم في الدرك الأسفل من النار، في أسفل دركات النار، في أشد العذاب، متساوون، ولا يزيد بعضهم على بعض، ما فيه تنافٍ، أن: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ بأنه لا يوافقهم أحد مثلهم، وكذلك المنافقين في الدرك الأسفل من النار ليس فيه نفي أن يكون أحد مماثل لهم، لكن فيها بيان أنهم في أشد العذاب.

المنافقون في أشد العذاب، وآل فرعون في أشد العذاب تساووا، لكن الآية تنفي أن يكون أحد أشد منهم عذابا.

وأما آية المائدة: فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ أجاب العلماء عنها بجوابين: الجواب الأول: فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ يعني: عالم زمانهم الخاص، كما في قوله تعالى في بني إسرائيل: وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ يعني: عالم زمانكم.

الجواب الثاني: أن المراد فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ العذاب الدنيوي خاصة، وهو المسخ مسخهم خنازير. فتكون آية: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ .

هذا في عذاب الآخرة، وآية: فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ آية المائدة محمولة على عذاب الدنيا، عذبوا بنوع خاص ما عُذب به أحد، وهو المسخ خنازير، وهذا على القول بنزول المائدة وأن بعضهم كفر، فيكون عذبوا بالمسخ. أما على القول بأن المائدة لم تنزل كما هو قول مجاهد والحسن في تفسير الآية:"أن المائدة ما نزلت، وأنهم خافوا لما تُوعدوا بهذا العذاب خافوا فلم تنزل"فعلى هذا ما يكون فيها إشكال، لكن هذا خلاف ظاهر الآية: فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ظاهرها أنها نزلت، ولكن لا يتم القول بأن آية فيها إشكال إلا إذا ثبت أن بعضهم كفر بعد نزولها، فيكون هذا في الدنيا، وأن العذاب الذي أصابهم هو المسخ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام