شبهتهم في إفراد وتثنية وجمع المشرق والمغرب (تابع)
أما قوله: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فهذا اليوم الذي يستوي فيه الليل والنهار، أقسم الله بمشرقه ومغربه. وأما قوله: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ فهذا أطول يوم في السنة، وأقصر يوم في السنة، أقسم الله بمشرقهما ومغربهما.
وأما قوله: فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ فهو مشارق السنة ومغاربها، فهذا تفسير ما شك فيه الزنادقة
إذًا هذا جواب الإمام -رحمه الله- قال: أما إفراده المشرق والمغرب فهذا اليوم الذي يستوي فيه الليل والنهار. اليوم الذي يستوي فيه الليل والنهار متى؟ الليل والنهار لهما استواءان، الاستواء الأول في واحد فصل الربيع، وفي واحد فصل الخريف، يستوي الليل والنهار، أول يوم في فصل الربيع وأول يوم في فصل الخريف يستوي الليل والنهار، يكون الليل اثنتا عشرة ساعة والنهار اثنتا عشرة ساعة.
هذا اليوم الذي يستوي فيه الليل والنهار أقسم الله بمشرقه ومغربه فقال: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وأما قوله: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ فهذا أطول يوم في السنة حينما يطول النهار، وأقصر يوم في السنة حينما يقصر النهار في الشتاء.
وأما قوله: فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ فهذه مشارق السنة ومغاربها، هذا هو جواب الإمام عن هذه الشبهة، وهناك جواب آخر أجاب به العلماء، وذكره المفسرون فقالوا: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ التثنية المراد بهما مشرقي الشتاء ومشرقي الصيف، رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ مشرق الشتاء ومشرق الصيف.
وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ مغرب الشتاء، ومغرب الصيف، فالتثنية بالنسبة للشتاء والصيف رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ الشتاء والصيف، وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ الشتاء والصيف.
وأما قوله: فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ فالمراد مشرق كل يوم ومغرب كل يوم. مشرق كل يوم تطلع فيه الشمس وتبرز إلى الدنيا، وكذلك المغرب، فجمع المشارق والمغارب بالنسبة لمشرق كل يوم ومغرب كل يوم، كما قال الإمام: مشارق السنة ومغاربها.
وأما قوله: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فالمراد الجنس. جنس المشرق وجنس المغرب. الجنس عام يشمل المشارق والمغارب كلها فيكون: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ مثل: فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ المراد الجنس، جنس المشرق والمغرب، والمعنى متقارب.
والمقصود أن الآيات، كل منها لها معنى، وليس في كتاب الله تناقض بحمد لله، كما يتوهمه هؤلاء الزنادقة