* (وَمِمَّا يَنْبَغِي -أَيْضًا- أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ الطَّوَائِفَ الْمُنْتَسِبَةَ إلَى مَتْبُوعِينَ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَالْكَلَامِ: عَلَى دَرَجَاتٍ، مِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ قَدْ خَالَفَ السُّنَّةَ فِي أُصُولٍ عَظِيمَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إنَّمَا خَالَفَ السُّنَّةَ فِي أُمُورٍ دَقِيقَةٍ. وَمَنْ يَكُونُ قَدْ رَدَّ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الطَّوَائِفِ الَّذِينَ هُمْ أَبْعَدُ عَنْ السُّنَّةِ مِنْهُ، فَيَكُونُ مَحْمُودًا فِيمَا رَدَّهُ مِنْ الْبَاطِلِ، وَما قَالَهُ مِنْ الْحَقِّ، لَكِنْ يَكُونُ قَدْ جَاوَزَ الْعَدْلَ فِي رَدِّهِ، بِحَيْثُ جَحَدَ بَعْضَ الْحَقِّ. وَقَالَ بَعْضَ الْبَاطِلِ، فَيَكُونُ قَدْ رَدَّ بِدْعَةً كَبِيرَةً بِبِدْعَةِ أَخَفَّ مِنْهَا، وَرَدَّ بِالْبَاطِلِ بَاطِلًا بِبَاطِلِ أَخَفَّ مِنْهُ، وَهَذِهِ حَالُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. وَمِثْلُ هَؤُلَاءِ إذَا لَمْ يَجْعَلُوا مَا ابْتَدَعُوهُ قَوْلًا يُفَارِقُونَ بِهِ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ، يُوَالُونَ عَلَيْهِ وَيُعَادُونَ، كَانَ مِنْ نَوْعِ الْخَطَأِ، وَاَللَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ خَطَأَهُمْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ) ج3 ص348.