فهرس الكتاب
الصفحة 22 من 222

وكان أصل الأصول الذي ميّز هذه الطائفة على مرّ العصور هو تمسّكهم بكتاب ربهم، وسنة نبيهم، وإجماع سلفهم من الصحابة والتابعين، أئمة القرون الثلاثة الأولى المباركة. فكان في ذلك العاصم من التفرق و الاختلاف، وتضارب العقول والأهواء. فمن غير صحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أفقه لكتاب ربهم، وأعلم بسنة نبيهم، صلى الله عليه وسلم،؟!.

يقول شارح الدرة المضيئة: (وليس في الأمة المحمدية المفضّلة على سائر الأمم كالصحابة الكرام الذين فازوا بصحبة خير الأنام، فمعتمد القول عن أئمة السنة أن الصحابة كلهم عدول. قال -تعالى:(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ) . الآية .. فليس في الأمة المحمدية مثل الصحابة الكرام في الفضل. يشاهد ما في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه:"لا تسبوا أصحابي فوالذى نفسي بيده لو أن أحدكم انفق مثل أحدٍ ذهبًا ما أدرك مُدّ أحدهم ولا نصيفه"وأخرج الترمذي من حديث بن مغفل -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول:"يبلغ الحاضر الغائب، الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضًا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه، ومن يأخذه الله فيوشك أن لا يفلته".

وليس في الأمة كالصحابة الكرام في المعروف، وهو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله -تعالى-، والتقرب إليه والإحسان إلي الناس، وكل ما ندب إليه الشرع و نهى عنه من المحسنات والمقبحات. ولا يرتاب أحد من ذوي الألباب أن الصحابة الكرام هم الذين حاذوا قصبات السبق، واستولوا علي معالي الأمور من الفضل والمعروف والصدق. فالسعيد من اتبع صراطهم المستقيم، واقتفى منهجهم القويم. والتعيس من عدل عن طريقهم، ولم يتحقّق بتحقيقهم.

فأي خطة رشد لم يستولوا عليها؟ وأي خصلة خير لم يسبقوا إليها؟ تالله لقد وردوا ينبوع الحياة عذباً صافيًا زلالاً!! ووطدوا قواعد الدين والمعروف، فلم يدعوا لأحدٍ بعدهم مقالا، فتحوا القلوب بالقرآن والذكر والإيمان، والقرى بالسيف والسنان، وبذل النفوس النفيسة في مرضاة الرحمن. فلا معروف إلا ما عنهم عُرف، ولا برهان إلا بعلومهم كشف، ولا سبيل نجاة إلا ما سلكوه، ولا خير وسعادة إلا ما حقّقوه. فرضوان الله -تعالى- عليهم ما تحلت المجالس بنشر ذكرهم، وما تنمقت الطروس بعرف مدحهم وشكرهم.

وليس في الأمة كالصحابة في الإصابة للحكم المشروع، والهدي المتبوع. فهم أحق الأمة في إصابة الحق والصواب، وأجدر الخلق بموافقة السنة والكتاب، ويشهد لهذا ما رواه الإمام أحمد وغيره عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: من كان متأسيا فليتأس بأصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فإنهم أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، وأقومهم هديًا، وأحسنهم حالا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه. فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوا آثارهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام