والمفارقون للسنة قد يدفعهم إلى ذلك أيضا الغلو الذي ذمه الله و رسوله، صلى الله عليه وسلم.
* فَإِذَا كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وَخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، قَدْ انْتَسَبَ إلَى الْإِسْلَامِ مَنْ مَرَقَ مِنْهُ مَعَ عِبَادَتِهِ الْعَظِيمَةِ حَتَّى أَمَرَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، بِقِتَالِهِمْ فَيُعْلَمُ أَنَّ الْمُنْتَسِبَ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ السُّنَّةِ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ قَدْ يَمْرُقُ -أَيْضًا- مِنْ الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ، حَتَّى يَدَّعِيَ السُّنَّةَ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، بَلْ قَدْ مَرَقَ مِنْهَا، وَذَلِكَ بِأَسْبَابِ مِنْهَا الْغُلُوُّ الَّذِي ذَمَّهُ اللَّهُ -تَعَالَى- فِي كِتَابِهِ، حَيْثُ قَالَ: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلَّا الْحَقَّ .. ) . الآية .. وَقَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم:"إيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ". وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
* وَمِنْهَا التَّفَرُّقُ وَالِاخْتِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ -تَعَالَى- فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ.
* وَمِنْهَا أَحَادِيثُ تُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ كَذِبٌ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، يَسْمَعُهَا الْجَاهِلُ بِالْحَدِيثِ فَيُصَدِّقُ بِهَا، لِمُوَافَقَةِ ظَنِّهِ وَهَوَاهُ).
* (وَأَضَلُّ الضَّلَالِ) اتِّبَاعُ الظَّنِّ وَالْهَوَى، كَمَا قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى- فِي حَقِّ مَنْ ذَمَّهُمْ: (إنْ يَتَّبِعُونَ إلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى) . وَقَالَ فِي حَقِّ نَبِيِّهِ، صلى الله عليه وسلم: (وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إنْ هُوَ إلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فَنَزَّهَهُ عَنْ الضَّلَالِ وَالْغَوَايَةِ اللَّذَيْنِ هَمَّا الْجَهْلُ وَالظُّلْمُ: فَالضَّالُّ هُوَ الَّذِي لَا يَعْلَمُ الْحَقَّ، وَالْغَاوِي الَّذِي يَتَّبِعُ هَوَاهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ مَا يَنْطِقُ عَنْ هَوَى النَّفْسِ، بَلْ هُوَ وَحْيٌ أَوْحَاهُ اللَّهُ إلَيْهِ، فَوَصَفَهُ بِالْعِلْمِ، وَنَزَّهَهُ عَنْ الْهَوَى) ج3 ص383.