أهل السنة يحتاطون بصفة عامة عند تكفير أهل البدع وخاصة إذا كانوا متأولين تأويلاً مسوغاً.
*(ولا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله ولا بخطأ أخطأ فيه، كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة والخوارج المارقون الذين أمر النبي، صلى الله عليه وسلم، بقتالهم، قاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أحد الخلفاء الراشدين. واتفق على قتالهم أئمة الدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. ولم يكفرهم علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وغيرهما من الصحابة، بل جعلوهم مسلمين مع قتالهم. ولم يقاتلهم علي حتى سفكوا الدم الحرام، وأغاروا على أموال المسلمين، فقاتلهم لدفع ظلمهم وبغيهم لا لأنهم كفار. ولهذا لم يسب حريمهم، ولم يغنم أموالهم.
* وإذا كان هؤلاء الذين ثبت ضلالهم بالنص والإجماع لم يكفروا مع أمر الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم، بقتالهم، فكيف بالطوائف المختلفين الذين اشتبه عليهم الحق في مسائل غلط فيها من هو أعلم منهم؟ فلا يحل لأحد من هذه الطوائف أن تكفّر الأخرى ولا تستحل دمها ومالها، وإن كانت فيها بدعة محققة، فكيف إذ كانت المكفّرة لها مبتدعة -أيضاً-؟ وقد تكون بدعة هؤلاء أغلظ، والغالب أنهم جميعاً جهّال بحقائق ما يختلفون فيه.
* والأصل أن دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم محرمة من بعضهم على بعض، لا تحلّ إلا بإذن الله ورسوله ... وإذا كان المسلم متأولاً في القتال أو التكفير لم يكفر بذلك كما قال عمر بن الخطاب لحاطب بن أبي بلتعة: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال النبي، صلى الله عليه وسلم:"إنه قد شهد بدراً، وما يدريك أن الله قد اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"وهذا في الصححين)ج3 ص282 - 284.