وأهل السنة والجماعة يفرقون بين المبتدعة من أهل القبلة مهما كان حجم بدعتهم، وبين من علم كفره بالاضطرار من دين الإسلام كالمشركين، وأهل الكتاب. هذا في الحكم الظاهر على العموم، مع علمهم أن كثيراً منهم منافقون وزنادقة في الباطن.
*(فَالْمُخْطِئُ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ [1] : إمَّا أَنْ يَلْحَقَ بِالْكُفَّارِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ: مَعَ مُبَايَنَتِهِ لَهُمْ فِي عَامَّةِ أُصُولِ الْإِيمَانِ، وَإِمَّا أَنْ يَلْحَقَ بِالْمُخْطِئِينَ فِي مَسَائِلِ الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ، مَعَ أَنَّهَا - أَيْضًا - مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ، فَإِنَّ الْإِيمَانَ بِوُجُوبِ الْوَاجِبَاتِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَتَحْرِيمِ الْمُحَرَّمَاتِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ أُصُولِ الْإِيمَانِ وَقَوَاعِدِ الدِّينِ، وَالْجَاحِدُ لَهَا كَافِرٌ بِالِاتِّفَاقِ. مَعَ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ فِي بَعْضِهَا لَيْسَ بِكَافِرِ بِالِاتِّفَاقِ مَعَ خَطَئِهِ.
* وَإِذَا كَانَ لَا بُدَّ مِنْ إلْحَاقِهِ بِأَحَدِ الصِّنْفَيْنِ: فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُخْطِئِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ أَشَدُّ شَبَهًا مِنْهُ بِالْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ: فَوَجَبَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ. وَعَلَى هَذَا مَضَى عَمَلُ الْأُمَّةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي أَنَّ عَامَّةَ الْمُخْطِئِينَ مِنْ هَؤُلَاءِ تَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ الَّتِي تَجْرِي عَلَى غَيْرِهِمْ، هَذَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ مُنَافِقُونَ النِّفَاقَ الْأَكْبَرَ، وَأُولَئِكَ كُفَّارٌ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ ... فهؤلاء كُفَّارٌ فِي الْبَاطِنِ: وَمَنْ عُلِمَ حَالُهُ فَهُوَ كَافِرٌ فِي الظَّاهِرِ -أَيْضًا-)ج 12 ص 496.
* (كُلُّ مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ، صلى الله عليه وسلم، فَهُوَ خَيْرٌ مِنْ كُلِّ مَنْ كَفَرَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمُؤْمِنِ بِذَلِكَ نَوْعٌ مِنْ الْبِدْعَةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ بِدْعَةَ الْخَوَارِجِ وَالشِّيعَةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ، أَوْ غَيْرِهِمْ. فَإِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى كُفَّارٌ كُفْرًا مَعْلُومًا بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ. وَالْمُبْتَدِعُ إذَا كَانَ يَحْسَبُ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلرَّسُولِ، صلى الله عليه وسلم، لَا مُخَالِفٌ لَهُ لَمْ يَكُنْ كَافِرًا بِهِ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ يَكْفُرُ فَلَيْسَ كُفْرُهُ مِثْلَ كُفْرِ مَنْ كَذَّبَ الرَّسُولَ، صلى الله عليه وسلم) ج 35 ص 201.
(1) يقصد مسائل العقائد -كالصفات والقدر، والإيمان والوعيد وغيرها- مما يعد القول المخالف فيها قولاً مبتدعاً.