فهرس الكتاب
الصفحة 210 من 222

7 -إننا وبالمناقشة العلمية الهادنة

مع أفراد و قيادات بعض هذه الجماعات أو التجمعات - لنخرج بعدة حقائق تلخص الموقف الإجمالي العام لهذه الجماعات سواء مع نفسها أو مع غيرها نعرضها فيما يلي:

(أ) غياب منهج علمي وعملي واضح المعالم ومتكامل يميز كلًّا من هذه الجماعات عن بعضها البعض، ويبرر وجود أو تعدد كثير من هذه الجماعات.

(ب) غياب استقراء علمي دقيق للواقع المحلي والعالمي في جميع المجالات يبرر تبني كل من هذه الجماعات لأسلوبها الذي يميزها عن غيرها.

(ج) غياب دليل شرعي واضح أو دليل عقلي جلي يبرر عدم تعاون هذه الجماعات بعضها مع بعض في طريق الغاية الواحدة المشتركة بينها.

(د) غياب أو قلة أو ضعف العلم الشرعي - أصولاً وفروعاً - لدى معظم هذه الجماعات على مستوى القيادات، ولدى كل الجماعات على مستوى القواعد والأفراد.

(ه) غياب أية فروق حقيقية بين فكر وسلوك أفراد هذه الجماعات أمام القضايا الأساسية التي تشكل الإطار العام الذي يميز أهل السنة عن غيرهم.

إن المرء قد يتساءل أمام هذه الحقائق: إذا كان الأمر كذلك فما هو المبرر الحقيقي لوجود مخاصمة بين كثير من هذه الجماعات التي ترفع كلها شعار السنة والجماعة؟ وإذا كانت الاختلافات في العقول وتعدد الاجتهادات قد تبرر تعدد الطرق والأساليب التي تتبناها هذه الجماعات فما الذي يبرر عدم تعاون هذه الجماعات نحو الغاية الواحدة المشتركة و الهدف المنشود - مع احتفاظ كل من هذه الجماعات بشكلها الحالي - داخل إطار الجماعة الأم وهي جماعة أهل السنة بمعناها الشرعي الشامل الذي يستوعب ويقبل بل ويقر تعدد الاجتهادات ووجهات النظر في الحدود المعتبرة شرعا؟.

إن غياب الفقه الشرعي العميق المتكامل لحقيقة منهج أهل السنة و الجماعة. وغياب الإطار الأخلاقي والسلوكي الذي تميز به دائماً أئمة السنة وسلفنا الصالح هو الذي يبرر لنا هذا الواقع الغريب الذي تعيشه هذه الجماعات التي ترفع شعار أهل السنة والجماعة.

إن (الجماعة) - وكما يقرر شيخ الإسلام ابن تيمية-: سبب ونتيجة في الوقت نفسه: فالحرص على الاجتماع والائتلاف و الموالاة العامة لكل المسلمين على أساس التقوى ومحبة الخير للآخرين والحرص على هدايتهم وإخلاص النصح لهم بالحكمة والموعظة الحسنة والصبر عليهم في كل حال: كل ذلك سبب لتنزل رحمة الله على الناس و إسباغ نعمه عليهم. ومن رحمة الله على الناس ونعمه عليهم المحافظة على اجتماعهم وائتلافهم وموالاة بعضهم بعضاً.

إن النظرة الحزبية الضيقة التي تسيطر على معظم الجماعات الإسلامية والتعصب المقيت للأسماء والأشخاص واعتقاد كل طائفة أنها تملك الحق وحدها وأن غيرها ليس على شيء، وتقديم المزاج الشخصي والهوى النفسي على الحكم الشرعي والانضباط الفقهي وتغليب مصلحة الجماعة على المصالح الشرعية للمسلمين ككل ومصادرة حق الغير في التفكير والاجتهاد المخالف داخل اطار أهل السنة و الجماعة. أضف إلى ذلك غياب القدوة العلمية والسلوكية والأخلاقية التي كان يمثلها أئمة أهل السنة الأعلام في كل عصر وجيل كل ذلك كان محصلته هو ما نراه الآن من واقع ممزق واضطراب وتخبط في مناهج وسلوك كثير من هذه الجماعات.

إن الفكرة السائدة بين كثير من هذه الجماعات: وهي اعتقاد كل منها أنها هي وحدها جماعة أهل السنة والفرقة الناجية والطائفة المنصورة. وأنها هي وحدها المسئولة عن هذا الدين وأنها هي وحدها القادرة على فعل كل شيء والوقوف على جميع الثغور واجتياز كل المراحل وخوض كل المعارك والبدء دائماً من نقطة الصفر وحتى تقيم الخلافة، وتتسلم بنفسها مقاليد الأمور، ومفاتح الإدارة!!!

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام