فهرس الكتاب
الصفحة 209 من 222

* فلماذا لا يترك كل منهم الآخر يسير في طريقه و يقف منه موقفاً محايداً - على أقل تقدير - بدلاً من أن يهاجم ويفاصل ويتهم - دون دليل من شرع أو أثارة من علم أو عقل -؟! وما الضرر على دين كل منهم إذا تعاون مع أخيه - كلّ بجماعته - فيما يستطيعون فيه أن يتعاونوا مع استقلال كل منهم بأسلوبه و أدواته و جماعته؟.

* إننا لا ننكر أن كل جماعة - أو تجمع - في الساحة الإسلامية لها اجتهادها الخاص في تقدير الواقع المحيط على الجملة. و في تقدير أفضل الطرق والأساليب التي يمكن أن يبدأ منها الحل الإسلامي لمشكلات هذا الواقع، و -أيضا- لا ننكر ان الاختلاف في هذه الاجتهادات الخاصة لكل جماعة تصبغ حركة الجماعة بصبغة حركية خاصة - وليست فكرية أو سلوكية - بمعنى: أن الكل قد يكون متفقاً على الالتزام بفكر وسلوك أهل السنة والجماعة ابتداء، ولكن أمام الاختلاف في تقدير مشكلات الواقع وتقدير طرق المواجهة يبدأ الاختلاف في أسلوب العمل: فهذه الجماعة تركز على جانب العقائد ونشرها بين المسلمين. وهذه تركز على جانب التربية والإعداد. وهذه تركز على العمل السياسي ونشر الوعي الحركي. و هذه تركز على الدعوة للسنة ومحاربة البدع في السلوك والآداب. وهذه تركز على نشر المفاهيم الإسلامية بين عامة الناس ودعوتهم للالتزام بتعاليم الدين. وهذه تركز على جانب الإعداد العسكري والمواجهة مع الباطل .. إلى آخر هذه الاجتهادات التي نرى أن الساحة الإسلامية في حاجة لها جميعاً، وتتسع لها جميعاً، بل إنها تكمل بعضها بعضاً، وتصب في النهاية في مصب واحد، وهو إحياء الأمة المسلمة من سباتها العميق، وتحريك هذا الجسد النائم ليفيق من غفوته، ويفرز قيادته الحقيقية التي تقوده نحو ممارسة دوره المطلوب منه في هذه الحياة الدنيا بأمر الله.

* كما إننا لا ننكر كذلك وجود ثغرات فكرية ومنهجية علمية وعملية لدى هذه الجماعات - أو التجمعات - ولا ننكر -أيضاً- أن بعض هذه الجماعات يسعى مخلصاً لسد هذه الثغرات الفكرية، واستكمال مناهجه العلمية و العملية ولكن وجود هذه الثغرات لا يبرر أن تقف بعض هذه الجماعات موقفاً معادياً تجاه الأخرى، فتهاجم وتفاصل وتتهم - دون دليل من شرع أو أثارة من علم أو عقل - بل إن كل ثغرة فكرية أو منهجية عند إحدى هذه الجماعات تقابلها ثغرة أو ثغرات عند الجماعة الأخرى - إن لم تكن الثغرة الفكرية أو المنهجية نفسها -. بل لعلنا لا نغالي إذا اعتبرنا أن أكثر هذه الجماعات - أو التجمعات - أشكال أو تنويعات للجوهر أو الحقيقة الواحدة نفسها بكل إيجابيتها وسلبياتها. وإنما الفرق بينها لا يصنعه إلا المزاج الشخصي والميل النفسي والملكة الفردية التي تسير بصاحبها تجاه هذه الجماعة أو تلك. دع عنك العصبية الجاهلية والهوى الحزبي والميل والتعاطف الشخصي.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام