أما في اللغة (السلف -أيضا- من تقدمك من آبائك وذوي قرابتك الذين هم فوقك في السن والفضل) [1] . و (السلف: المتقدمون، وسلف الرجل: أبواه المتقدمان) [2] . وأما في الاصطلاح فتدور كل التعريفات للسلف حول الصحابة، أو الصحابة والتابعين، أو الصحابة والتابعين وتابعيهم من الأئمة الأعلام، المشهود لهم بالإمامة والفضل، واتباع الكتاب والسنة.
يقول القلشاني: (السلف الصالح، وهو الصدر الأول الراسخون في العلم، المهتدون بهدي النبي، صلى الله عليه وسلم، الحافظون لسنته، اختارهم الله -تعالى- لصحبة نبيه، وانتخبهم لإقامة دينه ورضيهم أئمة الأمة، وجاهدوا في سبيل الله حق جهاده، وأفرغوا في نصح الأمة ونفعهم، وبذلوا في مرضاة الله أنفسهم، قد أثنى الله عليهم في كتابه .. فيجب اتباعهم فيما نقلوه، واقتفاء آثارهم فيما عملوه، والاستغفار لهم) [3] ا. ه.
وقال أبو الحسن: (وهم الصحابة في أقوالهم وأفعالهم، وفي ما تأولوه واستنبطوه عن اجتهادهم) [4] . ا. ه.
وقال العدوي في الحاشية: (قصره على الصحابة، لما قال ابن ناجي: السلف الصالح وصف لازم يختص عند الإطلاق بالصحابة، ولا يشاركهم غيرهم فيه) [5] ا. ه.
وقال الغزالي عن السلف: (أعني مذهب الصحابة والتابعين) [6] ا. ه.
وقال الباجوري: (والمراد بمن سلف من تقدم من الأنبياء والصحابة، والتابعين وتابعيهم، خصوصا الأئمة الأربعة المجتهدين) [7] ا. ه.
ويقول الشيخ محمود خفاجي: (وليس هذا التحديد الزمني كافيا في ذلك، بل لابد أن يضاف إلى هذا السبق الزمني موافقة الرأي للكتاب والسنة وروحها، فمن خالف رأيه الكتاب والسنة فليس بسلفي، وإن عاش بين أظهر الصحابة والتابعين، وتابعي التابعين) [8] . ا. ه.
ويقول الشيخ ابن حجر القطري في كتابه:"العقائد السلفية بأدلتها العقلية والنقلية": (وعلى ذلك فالمراد بمذهب السلف ما كان عليه الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم-، والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين، وأتباعهم، وأئمة الدين ممن شهد له بالإمامة، وعرف عظم شأنه في الدين، وتلقى الناس كلامهم خلفا عن سلف، كالأئمة الأربعة، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، وابن المبارك، والنخعي، والبخاري، ومسلم، وسائر أصحاب السنن دون من رمى ببدعة، أو شهر بلقب غير مرضي. مثل: الخوارج، والروافض، والمرجئة، والجبرية، والجهمية، والمعتزلة) [9] . ا. ه.
فالسلف إذن مصطلح يطلق على الأئمة المتقدمين من أصحاب القرون الثلاثة الأولى المباركة، من الصحابة والتابعين، وتابعي التابعين المذكورين في حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم:"خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته" [10] . فكل من التزم بعقائد وفقه وأصول هؤلاء الأئمة كان منسوبا إليهم، وإن باعدت بينه وبينهم الأماكن والأزمان. وكل من خالفهم فليس منهم، وإن عاش بين أظهرهم، وجمعه بهم المكان والزمان نفسه.
(1) لسان العرب ج9 ص159.
(2) تحرير المقالة من شرح الرسالة ص36 نقلاً عن (المفسرون بين التأويل والإثبات) للمغراوي ج1 ص18.
(3) المرجع نفسه.
(4) المرجع نفسه (المفسرون بين التأويل والإثبات) للمغراوي ج1 ص18.
(5) الحاشية ص106.
(6) إلجام العوام عن علم الكلام ص62.
(7) شرح الجوهرة ص111.
(8) العقيدة الإسلامية بين السلفية والمعتزلة ص21.
(9) المفسرون بين التأويل والإثبات للمغراوي ج1 ص19، 20.
(10) أخرجه البخاري.