-وللأسف الشديد - أقل هذه المعسكرات تنظيماً وتخطيطاً وتعاوناً بين تجمعاته وتياراته أمام هذه الهجمة الشرسة التي تهدده في وجوده ومناهجه وأفكاره بل والعجيب أن كثيراً من التجمعات السنية الأساسية داخل كيان أهل السنة الكبير تترك العدو الأول والخطر الحقيقي الخارجي وتتصارع فيما بينها وتفاصل بعضها البعض على أمور لا نحسب أن لها فيها أية حجة شرعية أو أثارة من علم. اللهم إلا تعصباً لأسماء أو شعارات أو شخصيات أو تجمعات معينة مع ما يصاحب ذلك غالباً من ضعف في العلم الشرعي، وعدم وعي عميق ومتكامل ومفصل عن الواقع المحيط، وحقيقة التجمعات الواقعة، وطبيعة التحديات التي تواجه أهل السنة والجماعة، ودون أي اعتبار للمفاسد الشرعية المترتبة على هذه الصراعات.
* إن المتتبع للأحداث السياسية على خريطة الساحة الإسلامية ليشعر بعظم الحظر الداهم الذي يشكله الرافضة خاصة بعد تكوين دولتهم في إيران، وتحول هذه البلاد إلى مركز انطلاق لتصدير فتنتهم المسماة -زعماً- بالثورة الإسلامية وشعاراتهم الخادعة التي يغلفون بها حقدهم الدفين على السنة وأهلها والتي يحاولون من خلالها تفجير الصراعات في المناطق السنية إستغلالاً لكثير من المخدوعين في ثورتهم والغافلين عن حقيقة شعاراتهم حتى يتسنى لهم تفتيت هذه المناطق تمهيداً لاجتياح الإعصار الرافضي لها.
* إن المحور الباطني الذي يمتد شرقاً من إيران وغرباً إلى ليبيا في الشمال الأفريقي مروراً بالشام ليعطي المتتبع للأحداث حجم الخطر الحقيقي الذي يهدد أهل السنة في المنطقة خاصة وأن أعضاء هذا المحور يتعاونون - وبدعم من النصارى واليهود - لتعميق هذا الحزام واتصاله في شريط واحد يضرب العالم الإسلامي في جنباته.
* ومن المحزن والمؤسف أن كثيراً من أهل السنة لا يعون الواقع الذي حولهم لا محلياً ولا دولياً، ولا يعون دروس التاريخ الطويل والمحن التي بطشت بأسلافهم على يد هؤلاء الباطنية، بل ولا يعون دروس دينهم و أئمتهم وهم يحذرونهم من هؤلاء المبتدعة الذين لا يقل خطرهم عن خطر اليهود والنصارى. بل والعجيب أن بعض الدعاة والجماعات تشيد بثورتهم وتعّرف بهم وتدعو إلى التقارب والتعاون معهم، وتفتح صفحات مجلاتها لثقافتهم وأخبارهم: في الوقت الذي تتصارع فيه هذه الجماعات مع بعضها البعض، وتهاجم بعضها البعض، وتفاصل وتتهم على أمور ما أنزل الله بها من سلطان، بدلاً من أن تترفع على مثل هذه الخلافات الشكلية والصراعات العقيمة وتتعاون فيما بينها حول كتاب ربها، وسنة نبيها، وإجماع سلفها، وتقف صفاً واحداً أمام أعدائها الحقيقيين.