5-لا يعارضون القرآن والسنة بعقل أو رأي أو قياس:
وأهل السنة والجماعة لا يعتدّون، ولا يقتدون، ولا يلتزمون إذن إلا بعلم وسلوك السلف الصالح، ومن أخذ عنهم، والتزم جماعتهم، وسار على دربهم، وتقيد بأصولهم. ذلك أن الصحابة -رضي الله عنهم- تعلموا تفسير القرآن والحديث من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعلموه للتابعين ولم يقدموا بين يدي الله ولا رسوله لا برأي ولا ذوق ولا عقل ولا وجد ولا غير ذلك.
* (وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ: أَنَّ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ إذَا عُرِفَ تَفْسِيرُهُ مِنْ جِهَةِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، لَمْ يُحْتَجْ فِي ذَلِكَ إلَى أَقْوَالِ أَهْلِ اللُّغَةِ. فَإِنَّهُ قَدْ عُرِفَ تَفْسِيرُهُ، وَمَا أُرِيدَ بِذَلِكَ مِنْ جِهَةِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فلَمْ يُحْتَجْ فِي ذَلِكَ إلَى الِاسْتِدْلَالِ بِأَقْوَالِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَلَا غَيْرِهِمْ ... وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ اعْتِصَامُهُمْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَكَانَ مِنْ الْأُصُولِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ قَطُّ أَنْ يُعَارِضَ الْقُرْآنَ، لَا بِرَايِهِ، وَلَا ذَوْقِهِ، وَلَا مَعْقُولِهِ، وَلَا قِيَاسِهِ، وَلَا وَجْدِهِ ... فَكَانَ الْقُرْآنُ هُوَ الْإِمَامَ الَّذِي يُقْتَدَى بِهِ. وَلِهَذَا لَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُ عَارَضَ الْقُرْآنَ بِعَقْلِ وَرَايٍ وَقِيَاسٍ، وَلَا بِذَوْقِ وَوَجْدٍ وَمُكَاشَفَةٍ، وَلَا قَالَ قَطُّ: قَدْ تَعَارَضَ فِي هَذَا الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَقُولَ: فَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْعَقْلِ؛ وَالنَّقْلُ - يَعْنِي الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ وَأَقْوَالَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ- إمَّا أَنْ يُفَوَّضَ وَإِمَّا أَنْ يُؤَوَّلَ ... وَلَمْ يَكُنْ السَّلَفُ يَقْبَلُونَ مُعَارَضَةَ الْآيَةِ إلَّا بِآيَةِ أُخْرَى تُفَسِّرُهَا وَتَنْسَخُهَا، أَوْ بِسُنَّةِ الرَّسُولِ، صلى الله عليه وسلم، تُفَسِّرُهَا، فَإِنَّ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، تُبَيِّنُ الْقُرْآنَ وَتَدُلُّ عَلَيْهِ وَتُعَبِّرُ عَنْهُ) . ج 13 ص 27 - 29.
* (قَالَ -تعالى-:(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) . فَجَعَلَ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ مُشَارِكِينَ لَهُمْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الرِّضْوَانِ وَالْجَنَّةِ ...
فَمَنْ اتَّبَعَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ كَانَ مِنْهُمْ، وَهُمْ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وَأُولَئِكَ خَيْرُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ...