فهرس الكتاب
الصفحة 52 من 222

وَلِهَذَا كَانَ مَعْرِفَةُ أَقْوَالِهِمْ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَأَعْمَالِهِمْ خَيْرًا وَأَنْفَعَ مِنْ مَعْرِفَةِ أَقْوَالِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَعْمَالِهِمْ فِي جَمِيعِ عُلُومِ الدِّينِ وَأَعْمَالِهِ ... فَإِنَّهُمْ أَفْضَلُ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، فَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ خَيْرٌ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ بَعْدَهُمْ. وَمَعْرِفَةُ إجْمَاعِهِمْ وَنِزَاعِهِمْ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ خَيْرٌ وَأَنْفَعُ مِنْ مَعْرِفَةِ مَا يُذْكَرُ مِنْ إجْمَاعِ غَيْرِهِمْ وَنِزَاعِهِمْ.

وَذَلِكَ أَنَّ إجْمَاعَهُمْ لَا يَكُونُ إلَّا مَعْصُومًا، وَإِذَا تَنَازَعُوا فَالْحَقُّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ، فَيُمْكِنُ طَلَبُ الْحَقِّ فِي بَعْضِ أَقَاوِيلِهِمْ، وَلَا يُحْكَمُ بِخَطَأِ قَوْلٍ مِنْ أَقْوَالِهِمْ حَتَّى يَعْرِفَ دَلَالَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى خِلَافِهِ ...

لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ أُصُولِ الْمُتَأَخِّرِينَ مُحْدَثٌ مُبْتَدَعٌ فِي الْإِسْلَامِ، مَسْبُوقٌ بِإِجْمَاعِ السَّلَفِ عَلَى خِلَافِهِ، وَالنِّزَاعُ الْحَادِثُ بَعْدَ إجْمَاعِ السَّلَفِ خَطَأٌ قَطْعًا: كَخِلَافِ الْخَوَارِجِ وَالرَّافِضَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ مِمَّنْ قَدْ اشْتَهَرَتْ لَهُمْ أَقْوَالٌ خَالَفُوا فِيهَا النُّصُوصَ الْمُسْتَفِيضَةَ الْمَعْلُومَةَ وَإِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ ...

وَأَيْضًا فَلَمْ يَبْقَ مَسْأَلَةٌ فِي الدِّينِ إلَّا وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهَا السَّلَفُ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ قَوْلٌ يُخَالِفُ ذَلِكَ الْقَوْلَ أَوْ يُوَافِقُه). ج13 ص 23 - 27.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام