فهرس الكتاب
الصفحة 118 من 222

2 -الجاهل المعذور:

(ا) - منهم من خالف السنة لقلة اعتمادهم على القرآن والسنة:

والمخالفون للسنة بعضهم - وخاصة المتأخرين - قل اعتمادهم على القرآن والسنة ولجأوا إلى مقالات ابتدعها شيوخهم دون أن يعلموا حقيقة هذه المقالات ومآلاتها. ولو علموا مخالفة هذه المقالات للسنة لرجعوا عنها ولم يقولوا بها.

* (إِنَّ السَّلَفَ كَانَ اعْتِصَامُهُمْ بِالْقُرْآنِ وَالْإِيمَانِ، فَلَمَّا حَدَثَ فِي الْأُمَّةِ مَا حَدَثَ مِنْ التَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ وصَارَ أَهْلُ التَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ شِيَعًا، صَارَ هَؤُلَاءِ عُمْدَتُهُمْ فِي الْبَاطِنِ لَيْسَتْ عَلَى الْقُرْآنِ وَالْإِيمَانِ، وَلَكِنْ عَلَى أُصُولٍ ابْتَدَعَهَا شُيُوخُهُمْ، عَلَيْهَا يَعْتَمِدُونَ فِي التَّوْحِيدِ وَالصِّفَاتِ، وَالْقَدَرِ وَالْإِيمَانِ بِالرَّسُولِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ مَا ظَنُّوا أَنَّهُ يُوَافِقُهَا مِنْ الْقُرْآنِ احْتَجُّوا بِهِ، وَمَا خَالَفَهَا تَأَوَّلُوهُ، فَلِهَذَا نَجِدُهُمْ إذَا احْتَجُّوا بِالْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ لَمْ يَعْتَنُوا بِتَحْرِيرِ دَلَالَتِهِمَا، وَلَمْ يَسْتَقْصُوا مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى، إذْ كَانَ اعْتِمَادُهُمْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَالْآيَاتُ الَّتِي تُخَالِفُهُمْ يَشْرَعُونَ فِي تَاوِيلِهَا شُرُوعَ مَنْ قَصَدَ رَدَّهَا كَيْفَ أَمْكَنَ، لَيْسَ مَقْصُودُهُ أَنْ يُفْهَمَ مُرَادَ الرَّسُولِ، بَلْ أَنْ يَدْفَعَ مُنَازِعَهُ عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِهَا .. وَهُمْ لَوْ تَصَوَّرُوا هَذِهِ(الْمَقَالَةَ) لَمْ يَقُولُوا هَذَا.

* والْمَقْصُودُ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ لَمْ يَصِيرُوا يَعْتَمِدُونَ فِي دِينِهِمْ لَا عَلَى الْقُرْآنِ وَلَا عَلَى الْإِيمَانِ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، بِخِلَافِ السَّلَفِ، فَلِهَذَا كَانَ السَّلَفُ أَكْمَلَ عِلْمًا وَإِيمَانًا، وَخَطَؤُهُمْ أَخَفَّ، وَصَوَابُهُمْ أَكْثَرَ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ ..

* فَعَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ الدِّينِ إلَّا تَبَعًا لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، وَلَا يَتَقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيْهِ، بَلْ يَنْظُرُ مَا قَالَ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ تَبَعًا لِقَوْلِهِ، وَعَمَلُهُ تَبَعًا لِأَمْرِهِ، فَهَكَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ، وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ، وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، فَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يُعَارِضُ النُّصُوصَ بِمَعْقُولِهِ، وَلَا يُؤَسِّسُ دِينًا غَيْرَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، وَإِذَا أَرَادَ مَعْرِفَةَ شَيْءٍ مِنْ الدِّينِ وَالْكَلَامِ فِيهِ، نَظَرَ فِيمَا قَالَهُ اللَّهُ وَالرَّسُولُ، فَمِنْهُ يَتَعَلَّمُ وَبِهِ يَتَكَلَّمُ، وَفِيهِ يَنْظُرُ وَيَتَفَكَّرُ، وَبِهِ يَسْتَدِلُّ. فَهَذَا أَصْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَأَهْلُ الْبِدَعِ لَا يَجْعَلُونَ اعْتِمَادَهُمْ فِي الْبَاطِنِ وَنَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى مَا تَلَقَّوْهُ عَنْ الرَّسُولِ، بَلْ عَلَى مَا رَأَوْهُ أَوْ ذَاقُوهُ، ثُمَّ إنْ وَجَدُوا السُّنَّةَ تُوَافِقُهُ وَإِلَّا لَمْ يُبَالُوا بِذَلِكَ، فَإِذَا وَجَدُوهَا تُخَالِفُهُ أَعْرَضُوا عَنْهَا تَفْوِيضًا، أَوْ حَرَّفُوهَا تَاوِيلًا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام