وأهل السنة لما كانوا يجمعون الدين كله، ويقومون به كله، فإنهم (اجتمعوا) على ذلك، لأن الجماعة، سبب ونتيجة، طاعة ورحمة، فمن طاعة الله المحافظة على الجماعة، ومن رحمة الله بأهل طاعته المحافظة على جماعتهم.
* أَنَّ سَبَبَ الِاجْتِمَاعِ وَالْأُلْفَةِ جَمْعُ الدِّينِ، وَالْعَمَلُ بِهِ كُلِّهِ، وَهُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، كَمَا أَمَرَ بِهِ بَاطِنًا، وَظَاهِرًا.
وَسَبَبُ الْفُرْقَةِ: تَرْكُ حَظٍّ مِمَّا أُمِرَ الْعَبْدُ بِهِ، وَالْبَغْيُ بَيْنَهُمْ.
وَنَتِيجَةُ الْجَمَاعَةِ: رَحْمَةُ اللَّهِ وَرِضْوَانُهُ وَصَلَوَاتُهُ، وَسَعَادَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَبَيَاضُ الْوُجُوهِ.
وَنَتِيجَةُ الْفُرْقَةِ: عَذَابُ اللَّهِ، وَلَعْنَتُهُ، وَسَوَادُ الْوُجُوهِ، وَبَرَاءَةُ الرَّسُولِ مِنْهُمْ، وَهَذَا أَحَدُ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ، فَإِنَّهُمْ إذَا اجْتَمَعُوا كَانُوا مُطِيعِينَ لِلَّهِ بِذَلِكَ مَرْحُومِينَ، فَلَا تَكُونُ طَاعَةُ اللَّهِ وَرَحْمَتُهُ بِفِعْلِ لَمْ يَامُرْ اللَّهُ بِهِ، مِنْ اعْتِقَادٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، فَلَوْ كَانَ الْقَوْلُ أَوْ الْعَمَلُ الَّذِي اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ لَمْ يَامُرْ اللَّهُ بِهِ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَاعَةً لِلَّهِ وَلَا سَبَبًا لِرَحْمَتِهِ) ج1ص 17.
* (فَمَتَى تَرَكَ النَّاسُ بَعْضَ مَا أَمَرَهُمْ اللَّهُ بِهِ وَقَعَتْ بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ، وَإِذَا تَفَرَّقَ الْقَوْمُ فَسَدُوا وَهَلَكُوا، وَإِذَا اجْتَمَعُوا صَلَحُوا وَمَلَكُوا، فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ رَحْمَةٌ وَالْفُرْقَةَ عَذَابٌ) ج3 ص421.