فهرس الكتاب
الصفحة 179 من 222

وأهل السنة والجماعة لا يمنعهم ذلك كله من الدعاء لأهل البدع بالهداية، وطلب الرحمة والاستغفار، ما لم يُعلم نفاقهم وكفرهم باطناً. وإذا اختلط أهل البدع بغيرهم عاملوا كلاًّ بما يستحقه ولم يردّوا بدعة ببدعة غيرها بل الأصل عصمة دم المسلم وماله وعرضه.

* (والصلاة لا تجوز على من علم نفاقه بنص القرآن، نعلم أن ذلك بناء على الإيمان الظاهر، والله يتولى السرائر، وقد كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يصلي عليهم ويستغفر لهم حتى نهى عن ذلك، وعلل ذلك بالكفر، فكان ذلك دليلاً على أن كل من لم يعلم أنه كافر بالباطن [1] جازت الصلاة عليه والاستغفار له، وإن كانت فيه بدعة وإن كان له ذنوب. وإذا ترك الإمام أو أهل العلم والدين الصلاة على بعض المتظاهرين ببدعة أو فجور زجراً عنها، لم يكن ذلك محرّماً للصلاة عليه والاستغفار له. بل قال النبي، صلى الله عليه وسلم، فيمن كان يمتنع عن الصلاة عليه وهو الغال وقاتل نفسه والمدين الذي لا وفاء له:"صلوا على صاحبكم". وروى أنه كان يستغفر للرجل في الباطن وإن كان في الظاهر يدع ذلك زجراً عن مثل مذهبه.) ج7 ص216 - 217.

*(فإن الإمام أحمد -مثلاً- قد باشر الجهمية الذين دعوه إلى خلق القرآن، ونفي الصفات، وامتحنوه وسائر علماء وقته، وفتنوا المؤمنين والمؤمنات الذين لم يوافقوهم على التجهم بالضرب والحبس، والقتل والعزل عن الولايات، وقطع الأرزاق، ورد الشهادة، وترك تخليصهم من أيدي العدو، بحيث كان كثير من أولي الأمر إذ ذاك من الجهمية من الولاة والقضاة وغيرهم: يكفّرون كل من لم يكن جهميًّا موافقاً لهم على نفي الصفات مثل القول بخلق القرآن، ويحكمون فيه بحكمهم في الكافر .. ومعلوم أن هذا من أغلظ التجهم، فإن الدعاء إلى المقالة أعظم من قولها، وإثابة قائلها وعقوبة تاركها أعظم من مجرد الدعاء إليها، والعقوبة بالقتل لقائلها أعظم من العقوبة بالضرب.

* ثم إن الإمام أحمد دعا للخليفة وغيره، ممن ضربه وحبسه. واستغفر لهم، وحلّلهم مما فعلوه به من الظلم والدعاء إلى القول الذي هو كفر، ولو كانوا مرتدين عن الإسلام لم يجز الاستغفار لهم، فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنة والإجماع)ج12 ص488 - 489.

* (دماء المسلمين وأموالهم محرمة حيث كانوا في(ماردين) أو غيرها، وإعانة الخارجين عن شريعة دين الإسلام محرمة، سواء كانوا أهل (ماردين) أو غيرهم. والمقيم بها إن كان عاجزاً عن إقامة دينه وجبت الهجرة عليه وإلا استحبت ولم تجب. ومساعدتهم لعدو المسلمين بالأنفس والأموال محرمة عليهم، ويجب عليهم الامتناع من ذلك بأي طريق أمكنهم، من تغيب، أو تعريض، أو مصانعة، فإذا لم يمكن إلا بالهجرة تعينت ولا يحل سبهم عموماً ورميهم بالنفاق بل السب والرمي بالنفاق يقع على الصفات المذكورة في الكتاب والسنة، فيدخل فيها بعض أهل ماردين وغيرهم. وأما كونها دار حرب أو سلم فهي مركبة: فيها المعنيان، ليست بمنزلة دار السلم التي تجري عليها أحكام الإسلام، لكون جندها مسلمين، ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار، بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحقه، ويقاتل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه) ج28 ص240، 241.

(1) المقصود التستر بالكفر، وعدم إظهاره إلا للخاصة. وإلا فإن القلوب والبواطن لا يطلع عليها إلا خالقها -سبحانه وتعالى-.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام