فهرس الكتاب
الصفحة 36 من 222

الحديث في اللغة: ضدّ القديم.

وفي الاصطلاح: (ما أضيف إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، من قول أو فعل أو تقرير أو وصف خِلقي أو خٌلقي) [1] .

وأما علم الحديث فهو قسمان:

* علم الحديث رواية: وهو (علم يشتمل على أقوال النبي، صلى الله عليه وسلم، وأفعاله وتقريراته وصفاته، وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها) [2] .

* علم الحديث دراية: وهو (علم بقوانين يعرف بها أحوال السند والمتن) [3] . وهو ما يعرف بمصطلح الحديث.

فإذا قيل (أهل الحديث) فالمقصود بهم الذين يُعْنَوْنَ بحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رواية ودراية، باذلين جهدهم على مدارسة أحاديث النبي، صلى الله عليه وسلم، وروايتها واتباع ما فيها علما وعملا، ملتزمين بالسنة مجانبين للبدعة، متميزين عن أهل الأهواء الذين يقدمون مقالات أهل الضلالة على أقوال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويقدمون عقولهم الفاسدة، ومنطقهم المتهافت، وكلامهم المتناقض على ما جاء به الكتاب العزيز، والسنة الشريفة.

فأهل الحديث إذن أولى الناس بالاعتقاد الحق، والالتزام بالسنة والجماعة، والفرقة الناجية. ولذلك قال الإمام أحمد عن الجماعة: (إن لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم؟) . [4] وكذلك لما ذكر الشيخ أبو إسماعيل الصابوني صفات أهل الحديث في رسالته التي سماها (عقيدة السلف أصحاب الحديث) ، أو (الرسالة في اعتقاد أهل السنة وأصحاب الحديث والأئمة) . قال عنهم: (ويقتدون بالنبي، صلى الله عليه وسلم، وبأصحابه الذين هم كالنجوم .. ويقتدون بالسلف الصالحين من أئمة الدين، وعلماء المسلمين، ويتمسكون بما كانوا به متمسكين من الدين المتين، والحق المبين، ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم ولا يصحبونهم) [5] . ا. ه.

ويقول الشيخ الأصبهاني عن أهل الحديث: (وجدنا سنته وعرفناها بهذه الآثار المشهورة التي رويت بالأسانيد الصحاح المتصلة التي نقلها حفاظ العلماء بعضهم عن بعض، فنظرنا إلى هذه الفرقة -أعني أصحاب الحديث- وهم لها أطلب، وفيها أرغب، ولها أجمع، ولصحاحها أتبع، فعلمنا يقينا بالكتاب والسنة أنهم أهلها دون سواهم من جميع الفرق .. ورأينا أصحاب الحديث -يرحمهم الله- قديما وحديثا هم الذين رحلوا في طلب هذه الآثار التي تدل على سنن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأخذوها من معادنها، وجمعوها من مظانها، وحفظوها، فاغتبطوا بها، ودعوا إلى إتباعها، وعابوا من خالفها، فكثرت عندهم وفي أيديهم حتى اشتهروا بها) [6] ا. ه.

وهكذا نلاحظ أن (أهل الحديث) و (أهل السنة) مصطلحان قريبان، وبينهما عموم وخصوص، أو إطلاق وتقييد. فإذا أطلق أحدهما دخل فيه الآخر، وأصبح اللفظ دالا بمفرده على جميع طوائف الفرقة الناجية من فقهاء ومحدثين، وعلماء وأمراء، وزهاد ومقاتلين، وأصوليين ونحاة ولغويين، إلى آخر أنواع أهل الخير. ويكون اللفظ هنا مرادفا (لأهل الحق) أو (أهل القرآن) وما إلى ذلك. وإذا اجتمع اللفظان دل الأول على أهل هذا الفن وأصحابه من المتخصصين في علم الحديث، ودل الآخر على بقية أهل الخير. يقول ابن تيمية: (ونحن لا نعني بأهل الحديث المقتصرين على سماعه أو كتابته أو روايته، بل نعني بهم: كل من كان أحق بحفظه ومعرفته، وفهمه ظاهرا وباطنا، واتباعه باطنا وظاهرا، وكذلك أهل القرآن. وأدنى خصلة في هؤلاء: محبة القرآن والحديث والبحث عنهما وعن معانيهما، والعمل بما علموه من موجبها.

(1) منهج النقد في علوم الحديث ص26.

(2) تدريب الراوي ج1 ص40.

(3) تدريب الراوي ج1 ص41.

(4) شرف أصحاب الحديث ص25.

(5) عقيدة السلف أصحاب الحديث للصابوني ص99، 100.

(6) الحجة في بيان المحجة، ورقة 166ب، 167ب مخطوط.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام