فهرس الكتاب
الصفحة 39 من 222

الطائفة المنصورة المذكورة في الأحاديث هي طائفة مجاهدة من أهل السنة، تجتمع فيها أسباب النصر المعنوية والمادية التي خلقها الله -عز وجل-: من علم صحيح، وسلوك مستقيم، مع سنن الله في كونه، وأخذ بالمقدمات التي جعلها الله وسيلة موصلة إلى نتائجها المرجوة. وإلا فإن مجرد الإيمان والالتزام بعقائد أهل السنة دون الأخذ بأسباب النصر ومقدماته المادية، ودون الالتزام بسنن الله الكونية الصارمة -التي لا تحابي أحدا على حساب أحد- لا يضمن النصر، ولا يكفل الظهور والتمكين في الأرض الذي وعد الله به عباده المخلصين.

فالطائفة المنصورة إذن هي مجموعة من أهل السنة والجماعة، هذه المجموعة تلتزم بالفقه الصحيح الثابت للسلف والأئمة، فتأخذ بأسباب النصر ومقدماته الصحيحة، فينصرها الله- عز وجل -فلا يضرها من خالفها ولا من خذلها.

والطائفة المنصورة -شأنها شأن كل خلق الله- إلا من عصم ربك- يختلط فيها الخير والشر والعدل، والبغي والطاعة والمعصية، ولكنها على الجملة أرجح في عموم الأحوال من غيرها، وأحق بنصر الله من غيرها، وأقدر على تحمل مسئولية هذا الدين والقيام بحق الأمانة التي يحملها إياهم ربهم من غيرهم.

يقول ابن تيمية: (وقد كان معاوية والمغيرة وغيرهما يحتجون لرجحان الطائفة الشامية بما هو في الصحيحين عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة". فقام مالك بن يخامر يذكر أنه سمع معاذاً يقول:(وهم بالشام) . فقال معاوية: وهذا مالك بن يخامر يذكر أنه سمع معاذاً يقول: وهم بالشام، وهذا الذي في الصحيحين من حديث معاوية فيهما أيضا نحوه من حديث المغيرة بن شعبة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:"لا تزال من أمتي أمة ظاهرة على الحق حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك". وهذا يحتجون به في رجحان أهل الشام بوجهين:

أحدهما: أنهم الذين ظهروا وانتصروا، وصار الأمر إليهم بعد الاقتتال والفتنة، وقد قال النبي، صلى الله عليه وسلم:"لا يضرهم من خالفهم". وهذا يقتضي أن الطائفة القائمة بالحق من هذه الأمة هي الظاهرة المنصورة، فلما انتصر هؤلاء كانوا أهل الحق.

والثاني: أن النصوص عينت أنهم بالشام، كقول معاذ، وكما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"لا يزال أهل الغرب ظاهرين". قال الإمام أحمد: وأهل الغرب هم أهل الشام، وذلك أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان مقيما بالمدينة، فما يغرب عنها فهو غربه، وما يشرق عنها فهو شرقه، وكان يسمي أهل نجد وما يشرق عنها أهل المشرق، كما قال ابن عمر: قدم رجلان من أهل المشرق فخطبا، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم:"إن من البيان لسحرا".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام