فهرس الكتاب
الصفحة 188 من 222

لأنهم خير أمة أخرجت للناس، ولكنهم يقومون بهذا الأمر على ما توجبه الشريعة، فلا يُخلون خلال ذلك بالأصل الأول والقاعدة العظيمة: وهي الحفاظ على (الجماعة) ، وتأليف القلوب واجتماع الكلمة، ونبذ التفرق والاختلاف، ويعلمون أن هذا من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، الذي أوجبه الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم.

* وهم لذلك يحملون أمانة مزدوجة: أمانة العلم والدعوة والجهاد، وأمانة الحفاظ على الجماعة بمعناها الشرعي الشامل .. وهم يحققون ذلك التوازن الدقيق على هدي من الشرع الحكيم وحده، متحررين من سلطان الهوى وإلف العادة، وسيطرة المذهب، وسطوة الطائفة، أو الحزب أو الطريقة أو ما شابه ذلك كله.

* وهم لذلك يوالون بعضهم بعضا ولاءً عاماً، بغض النظر عن انتماءاتهم المختلفة لحزب أو جماعة أو تيار أو اجتهاد خاص، بل الأصل أن يكونوا جميعاً يداً واحدة، متعاونين على البر والتقوى، لأن هذا الميثاق العام مع الله أبدى من أي ميثاق خاص مع البشر، فلا يقيده ولا يخصصه أي ميثاق آخر بل هو الحاكم على أي ميثاق خاص ولا طاعة لمخلوق إلا في طاعة الله، ولا طاعة لمخلوق في معصية الله. فأهل السنة ولاؤهم الأول للحق وحده و (الجماعة) الكبرى بمعناها الشرعي الشامل، وهم - من هذا المنطلق - ينظرون إلى كل فرد أو طائفة أو تجمع على هذا الأساس وحده، وليس على أساس من التعصب الجاهلي المقيت للقبيلة أو المدينة أو الدولة أو المذهب أو الطريقة أو الحزب أو الزعامة، فهم يقدمون من قدمه الله ورسوله، ويؤخرون من أخره الله ورسوله بمقياس الدين والتقوى، ولا يمتحنون الناس بأمور وشعارات ما أنزل الله بها من سلطان، يوالون و يعادون عليها و يفرقون بها بين الأمة. بل أكرم الخلق عند الله أتقاهم من أي طائفة كان.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام