فهرس الكتاب
الصفحة 153 من 222

* (وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَقَالَةَ الَّتِي هِيَ كُفْرٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ يُقَالُ هِيَ كُفْرٌ قَوْلًا يُطْلَقُ، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الدَّلَائِلُ الشَّرْعِيَّةُ، فَإِنَّ(الْإِيمَانَ) مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُتَلَقَّاةِ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، لَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يَحْكُمُ فِيهِ النَّاسُ بِظُنُونِهِمْ وَأَهْوَائِهِمْ. وَلَا يَجِبُ أَنْ يُحْكَمَ فِي كُلِّ شَخْصٍ قَالَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَافِرٌ حَتَّى يَثْبُتَ فِي حَقِّهِ شُرُوطُ التَّكْفِيرِ، وَتَنْتَفِي مَوَانِعُهُ، مِثْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ الْخَمْرَ أَوْ الرِّبَا حَلَالٌ، لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ لِنُشُوئِهِ فِي بَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ. أَوْ سَمِعَ كَلَامًا أَنْكَرَهُ وَلَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ، وَلَا أَنَّهُ مِنْ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، كَمَا كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يُنْكِرُ أَشْيَاءَ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ أَنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَهَا، وَكَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ يَشُكُّونَ فِي أَشْيَاءَ مِثْلَ رُؤْيَةِ اللَّهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى يَسْأَلُوا عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم) ج 35 ص 165، 166.

*(إنَّ الْمَقَالَةَ تَكُونُ كُفْرًا: كَجحْدِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ، وَتَحْلِيلِ الزِّنَا وَالْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ، وَنِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ، ثُمَّ الْقَائِلُ بِهَا قَدْ يَكُونُ بِحَيْثُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْخِطَابُ، وَكَذَا لَا يُكَفَّرُ بِهِ جَاحِدُهُ، كَمَنْ هُوَ حَدِيثُ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةِ بَعِيدَةٍ لَمْ تَبْلُغْهُ شَرَائِعُ الْإِسْلَامِ، فَهَذَا لَا يكفر بِجحْدِ شَيْءٍ مِمَّا أَنْزَلَ عَلَى الرَّسُولِ، إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَى الرَّسُولِ. وَمَقَالَاتُ الجهمية هِيَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ، فَإِنَّهَا جَحْدٌ لِمَا هُوَ الرَّبُّ - تَعَالَى - عَلَيْهِ، وَلِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ. وَتُغَلَّطُ مَقَالَاتُهُمْ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ النُّصُوصَ الْمُخَالِفَةَ لِقَوْلِهِمْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ كَثِيرَةٌ جِدًّا مَشْهُورَةٌ، وَإِنَّمَا يَرُدُّونَهَا بِالتَّحْرِيفِ.

الثَّانِي: أَنَّ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ تَعْطِيلُ الصَّانِعِ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُمْ مُسْتَلْزِمٌ تَعْطِيلَ الصَّانِعِ، فَكَمَا أَنَّ أَصْلَ الْإِيمَانِ الْإِقْرَارُ بِاَللَّهِ، فَأَصْلُ الْكُفْرِ الْإِنْكَارُ لِلَّهِ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ يُخَالِفُونَ مَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْمِلَلُ كُلُّهَا، وَأَهْلُ الْفِطَرِ السَّلِيمَةِ كُلِّهَا)ج 3 ص 354.

* (ولَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يُكَفِّرَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ - وَإِنْ أَخْطَأَ وَغَلِطَ - حَتَّى تُقَامَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ، وَتُبَيَّنَ لَهُ الْمَحَجَّةُ. وَمَنْ ثَبَتَ إيمَانُهُ بِيَقِينِ لَمْ يَزُلْ ذَلِكَ عَنْهُ بِالشَّكِّ، بَلْ لَا يَزُولُ إلَّا بَعْدَ إقَامَةِ الْحُجَّةِ، وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ) ج 12 ص 466.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام