فهرس الكتاب
الصفحة 136 من 222

* وَالْمَقْصُودُ أَنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ". فَحَضَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ:"وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ثَلَاثًا". فَوَصَّى الْمُسْلِمِينَ بِهِمْ، لَمْ يَجْعَلْهُمْ أَئِمَّةً يُرْجِعُ الْمُسْلِمُونَ إلَيْهِمْ.

* فَانْتَحَلَتْ الْخَوَارِجُ كِتَابَ اللَّهِ، وَانْتَحَلَتْ الشِّيعَةُ أَهْلَ الْبَيْتِ، وَكِلَاهُمَا غَيْرُ مُتَّبِعٍ لِمَا انْتَحَلَهُ، فَإِنَّ الْخَوَارِجَ خَالَفُوا السُّنَّةَ الَّتِي أَمَرَ الْقُرْآنُ بِاتِّبَاعِهَا، وَكَفَّرُوا الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَمَرَ الْقُرْآنُ بِمُوَالَاتِهِمْ، وَلِهَذَا تَأَوَّلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ: (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إلَّا الْفَاسِقِينَ، الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) . وَصَارُوا يَتَتَبَّعُونَ الْمُتَشَابِهَ مِنْ الْقُرْآنِ فَيَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَاوِيلِهِ، مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ مِنْهُمْ بِمَعْنَاهُ، وَلَا رُسُوخٍ فِي الْعِلْمِ، وَلَا اتِّبَاعٍ لِلسُّنَّةِ، وَلَا مُرَاجَعَةٍ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَفْهَمُونَ الْقُرْآنَ. وَأَمَّا مُخَالَفَةُ الشِّيعَةِ لِأَهْلِ الْبَيْتِ فَكَثِيرَةٌ جِدًّا قَدْ بُسِطَتْ فِي مَوَاضِعَ) ج13 ص208.

* (وَهَؤُلَاءِ الرَّافِضَةُ إنْ لَمْ يَكُونُوا شَرًّا مِنْ الْخَوَارِج المنصوصين فَلَيْسُوا دُونَهُمْ .. وَالرَّافِضَةُ كَفَّرَتْ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَامَّةَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانِ الَّذِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَرَضُوا عَنْهُ، وَكَفَّرُوا جَمَاهِيرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم، مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ والمتأخرين .. ويُكَفِّرُونَ أَعْلَامَ الْمِلَّةِ .. وَيَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ مَنْ خَرَجَ عَنْهُمْ، وَيُسَمُّونَ مَذْهَبَهُمْ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ .. وَيَرَوْنَ أَنَّ كُفْرَهُمْ أَغْلَظُ مِنْ كُفْرِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، لِأَنَّ أُولَئِكَ عِنْدَهُمْ كُفَّارٌ أَصْلِيُّونَ، وَهَؤُلَاءِ مُرْتَدُّونَ، وَكُفْرُ الرِّدَّةِ أَغْلَظُ بِالْإِجْمَاعِ مِنْ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ. وَلِهَذَا السَّبَبِ يُعَاوِنُونَ الْكُفَّارَ عَلَى الْجُمْهُورِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ .. فَهُمْ أَشَدُّ ضَرَرًا عَلَى الدِّينِ وَأَهْلِهِ وَأَبْعَدُ عَنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ مِنْ الْخَوَارِجِ الحرورية وَلِهَذَا كَانُوا أَكْذَبَ فِرَقِ الْأُمَّةِ .. وَقَدْ أَشْبَهُوا الْيَهُودَ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ لَا سِيَّمَا السَّامِرَةُ مِنْ الْيَهُودِ .. وَيُشْبِهُونَ النَّصَارَى فِي الْغُلُوِّ فِي الْبَشَرِ وَالْعِبَادَاتِ الْمُبْتَدَعَةِ وَفِي الشِّرْكِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَهُمْ يُوَالُونَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَهَذِهِ شِيَمُ الْمُنَافِقِينَ .. وَهُمْ مَعَ هَذَا يُعَطِّلُونَ الْمَسَاجِدَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، فَلَا يُقِيمُونَ فِيهَا جُمُعَةً وَلَا جَمَاعَةً .. فَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُمْ شَرٌّ مِنْ عَامَّةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، وَأَحَقُّ بِالْقِتَالِ مِنْ الْخَوَارِجِ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام