* وَكِلَا الطَّائِفَتَيْنِ تَطْعَنُ بَلْ تُكَفِّرُ وُلَاةَ الْمُسْلِمِينَ، وَجُمْهُورُ الْخَوَارِجِ يُكَفِّرُونَ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَمَنْ والاهُمَا، وَالرَّافِضَةُ يَلْعَنُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَمَنْ والاهُما، وَلَكِنَّ الْفَسَادَ الظَّاهِرَ كَانَ فِي الْخَوَارِجِ. مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ. وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ، وَالْخُرُوجِ بِالسَّيْفِ، ولِهَذَا جَاءَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِقِتَالِهِمْ .. وَأَمَّا لَفْظُ (الرَّافِضَة) ، فَهَذَا اللَّفْظُ أَوَّلَ مَا ظَهَرَ فِي الْإِسْلَامِ، لَمَّا خَرَجَ زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فِي أَوَائِلِ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ فِي خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَاتَّبَعَهُ الشِّيعَةُ، فَسُئِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَتَوَلَّاهُمَا وَتَرَحَّمَ عَلَيْهِمَا، فَرَفَضَهُ قَوْمه، قَالَ: رَفَضْتُمُونِي، رَفَضْتُمُونِي، فَسُمُّوا الرَّافِضَةَ. فَالرَّافِضَةُ تَتَوَلَّى أَخَاهُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، وَالزَّيْدِيَّةُ يَتَوَلَّوْنَ زَيْدًا، وَيُنْسَبُونَ إلَيْهِ، وَمِنْ حِينَئِذٍ انْقَسَمَتْ الشِّيعَةُ إلَى زَيْدِيَّةٍ، وَرَافِضَةٍ إمَامِيَّةٍ) ج13 ص 33 - 36.
* (وَبِإِزَائِهِمْ(الشِّيعَةُ) غَلَوْا فِي الْأَئِمَّةِ، وَجَعَلُوهُمْ مَعْصُومِينَ، يَعْلَمُونَ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَوْجَبُوا الرُّجُوعَ إلَيْهِمْ فِي جَمِيعِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، فَلَا يُعَرِّجُونَ لَا عَلَى الْقُرْآنِ وَلَا عَلَى السُّنَّةِ، بَلْ عَلَى قَوْلِ مَنْ ظَنُّوهُ مَعْصُومًا، وَانْتَهَى الْأَمْرُ إلَى الِائْتِمَامِ بِإِمَامِ مَعْدُومٍ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، فَكَانُوا أَضَلَّ مِنْ الْخَوَارِجِ، فَإِنَّ أُولَئِكَ يَرْجِعُونَ إلَى الْقُرْآنِ وَهُوَ حَقٌّ وَإِنْ غَلِطُوا فِيهِ، وَهَؤُلَاءِ لَا يَرْجِعُونَ إلَى شَيْءٍ بَلْ إلَى مَعْدُومٍ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، ثُمَّ إنَّمَا يَتَمَسَّكُونَ بِمَا يُنْقَلُ لَهُمْ عَنْ بَعْضِ الْمَوْتَى فَيَتَمَسَّكُونَ بِنَقْلِ غَيْرِ مُصَدَّقٍ عَنْ قَائِلٍ غَيْرِ مَعْصُومٍ، وَلِهَذَا كَانُوا أَكْذَبَ الطَّوَائِفِ، وَالْخَوَارِجُ صَادِقُونَ فَحَدِيثُهُمْ مِنْ أَصَحِّ الْحَدِيثِ، وَحَدِيثُ الشِّيعَةِ مِنْ أَكْذَبِ الْحَدِيثِ.
* وَلَكِنَّ الْخَوَارِجَ دِينُهُمْ الْمُعَظَّمُ مُفَارَقَةُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَاسْتِحْلَالُ دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَالشِّيعَةُ تَخْتَارُ هَذَا لَكِنَّهُمْ عَاجِزُونَ، وَالزَّيْدِيَّةُ تَفْعَلُ هَذَا، وَالْإِمَامِيَّةُ تَارَةً تَفْعَلُهُ وَتَارَةً يَقُولُونَ لَا نَقْتُلُ إلَّا تَحْتَ رَايَةِ إمَامٍ مَعْصُومٍ. وَالشِّيعَةُ اسْتَتْبَعُوا أَعْدَاءَ الْمِلَّةِ مِنْ الْمَلَاحِدَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَلِهَذَا أَوْصَتْ الْمَلَاحِدَةُ - مِثْلُ الْقَرَامِطَةِ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْبَحْرَيْنِ، وَهُمْ مِنْ أَكْفَرِ الْخَلْقِ، وَمِثْلُ قَرَامِطَةِ الْمَغْرِبِ وَمِصْرَ وَهُمْ كَانُوا يَسْتَتِرُونَ بِالتَّشَيُّعِ - أَوْصَوْا بِأَنْ يَدْخُلَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَابِ التَّشَيُّعِ، فَإِنَّهُمْ يَفْتَحُونَ الْبَابَ لِكُلِّ عَدُوٍّ لِلْإِسْلَامِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُنَافِقِينَ، وَهُمْ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنْ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ كَمَا قَدْ بُسِطَ هَذَا فِي مَوَاضِعَ.