فهرس الكتاب
الصفحة 84 من 517

أدركته، فإنها في أصل خلقتها مستعدة لقبول المعارف، فالرد عليهم أن مجرد إزالة الشواغل لا يحصل المطلوب الخاص إلا مع حصول علوم إما ضرورية أو غير ضرورية يترتب عليها المطلوب وهو النظر والتجريد لازمه. وأضعف من هذا قول بعض المعاصرين لا مقلد في المؤمنين عامهم وخاصهم وإن جميعهم حصلت له المعرفة، وإنما يختلفون في القدرة على التعبير عما في ضمائرهم وعدم ذلك وإنما قلنا أن هذا أضعف من القول الذي حكى عن بعض الهنود، لأنهم اشترطوا في حصول المعرفة إزالة الشواغل، وهذا لم يشترط شيئا، بل جعل المعرفة حاصلة لكل ّ من صدق عليه اسم الإيمان، وأن مؤنة النظر لا يحتاج إليهما: وهذا قول لإخفاء في بطلانه وانعقاد الإجماع على خلافه، إذ معلوم قطعا أن عقائد الإيمان ليست كلها ضرورية، بل منها ما يفتقر إلى دقيق النظر

الرياضة المتقدمة (قوله أدركته) أي حصلت ذلك الشيء بسبب إزالة تلك الشواغل (قوله مستعدة) أي متهيئة لقبول المعارف وأطلق الاستعداد للقبول على حصوله بالفعل مجازا لأنها من أصل خلقتها قائمة بها المعارف بالفعل (قوله أن مجرد الخ) أي إن إزالة الشواغل وحدها (قوله إلا مع الخ) أي إلا إذا زالت الشواغل مع الخ (قوله علوم الخ) أي تصديقية وهي العلم بالصغرى والكبرى (قوله يترتب عليها) أي تلك العلوم (قوله المطلوب) هو التصديق بالنتيجة والجزم بها فقوله وهو النظر: أي والمطلوب هو النظر لا يصح بل الأولى أن يقول وهو المعرفة لأن المطلوب نشأ عن النظر لا أنه نفسه وقد يقال الضمير راجع للترتيب المأخوذ من قوله يترتب: أي إن ترتيب تلك العلوم هو النظر (قوله والتجريد لازمه) أي لازم للنظر الذي يترتب عليه المطلوب وحينئذ فلا يكون التجريد هو المحصل للمطلوب ولا يتم قول القائل إن طريق المعرفة التجريد (قوله من هذا) أي طريق بعض الهنود (قوله بعض المعاصرين) هو ابن ذكرى، وفيه أنه لم ينفرد بهذا القول بل قال به جماعة (قوله عامهم) هو من لا قدرة له على التعبير عما في ضميره (قوله وإنما يختلفون الخ) فالذي يتعاطى علم المنطق له قدرة على التعبير عنه والذي لا يتعاطاه لا يقدر على التعبير عنه (قوله لأنهم الخ) فيه أنهم لم يجعلوا ذلك شرطا بل جعلوه أسا وطريقا للمعرفة فالمناسب أن يقول لأنهم جعلوا إزالة الشواغل طريقا للمعرفة وهذا لم يجعل لها طريقا بل جعلها حاصلة الخ (قوله وهذا) أي بعض المعاصرين (قوله اسم الإيمان) الإضافة للبيان، والأولى أن يقول اسم مؤمن (قوله وإن مؤنة النظر) إضافته بيانية وهذا معمول لمحذوف: أي ويلزمه أن مؤنة النظر الخ، وذلك أن بعض المعاصرين لم يصرح به بل صرح بأن المعرفة حاصلة لكل مؤمن وحينئذ فيلزمه عدم الاحتياج إلى النظر (قوله وهذا) أي ما ذكر من أن كل مؤمن عنده معرفة وأن النظر لا يحتاج إليه ... (قوله وانعقاد الخ) أي ولا خلاف في انعقاد الخ، لكن فيه أنه قال بخلافه جماعة وأن أبا

منصور الماتريدي حكى الإجماع عليه (قوله إذ معلوم الخ) تعليل لقوله لإخفاء الخ (قوله ليست كلها ضرورية) محتمل لأن يكون كلها نظرية، ولأن يكون بعضها نظريا وبعضها ضروريا مع أنها كلها نظرية فلذا أضرب لبيان المراد بقوله بل الخ (قوله بل منها الخ) أي ومنها ما يفتقر إلى مطلق النظر، وقد يقال لا نسلم أن ما يحتاج إليه من

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام