الأعمال الصالحة وضدّها. قيل وما ذكره غير بعيد إلا أنه ورد أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن ذلك، فقال توزن الصحف، وهل الوزن خاص بالمؤمنين أو عام لهم وللكافرين، ويكون معنى قوله تعالى - فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا - أي نافعا فيه تردد. وأما الجنة والنار فثبوتهما مما علم من الدين ضرورة، وهما مخلوقتان بدليل قوله تعالى - أعدت للمتقين - وهبوط آدم منها ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم في الاسراء وفي غيره، وقد أنكر جماعة من المعتزلة خلقهما، وزعموا أنه لا فائدة في خلقهما قبل الثواب والعقاب، وحملوا أعدت على أنه من باب التعبير عن المستقبل بالماضي لتحقق وقوعه، وحملوا الجنة في قصة آدم عليه السلام على بستان من بساتين الأرض وهذا تلاعب بالدين، وأفعال الله تعالى لا تتوقف على الأغراض، بل يفعل الله ما يشاء ويحكم ما يريد، ولو تنزلنا معهم في ايقافها على الأغراض فما المانع من اشتمالها على فائدة عجزت عقولنا عن الوقوف عليها؟ أو نقول ما المانع أن يكون في اعدادها
الأوّل هو ما أشار له بقوله وأوّلوا الوزن، والثاني هو قول ابن المعتمر، ووجه بطلانهما أنه قد وردت ظواهر النصوص بالوزن والميزان فلا وجه للعدول عنها وصرفها عن ظاهرها لغير موجب (قوله الأعمال الصالحة) أي وتوزن تلك الجواهر (قوله عن ذلك) أي عن الذي يوزن (قوله فقال توزن الصحف) هذا اللفظ لا يقتضي أنه لا يوزن غير الصحف إذ ليس فيه حصر فلا يرد به قول الجبائي لكن لما كان الحديث في معرض بيان ما يوزن بقرينة السؤال كان فيه معنى الحصر وأن الموزون هو الصحف لا جواهر أخرى، وحينئذ إن صح هذا الحديث كان تخطئة للجبائي ويكون القول الثاني وهو أن الموزون مثالات باطلا أيضا سواء قلنا أنه عين قول الجبائي أو قلنا أنه غيره إذ لا فرق بينهما (قوله فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا الخ) أي بدليل - فمن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون - الآية ولا يصلح إلا للكفار. وأجيب بأنه كنى بخفة الميزان عن قلة الحسنات وهو بعيد (قوله فيه تردّد) أي قولان (قوله وهما مخلوقتان) أي الآن قبل يوم الجزاء (قوله وهبوط الخ) أي وبدليل هبوط آدم من الجنة وهو أبو البشر خلقه الله يوم الجمعة بأرض عدن وعاش ألف سنة ومات ودفنه ابنه شيث. ودليل خلق النار قبل يوم خلق يوم الجزاء قوله تعالى - وقودها الناس والحجارة أعدّت للكافرين - وقوله - إنا أعتدنا للظالمين نارا - ورؤية النبي ّ صلى الله عليه لها ليلة الاسراء كالجنة وكان المناسب للشارح أن يذكر الدليل المذكور (قوله خلقهما) أي قبل يوم الجزاء (قوله على أنه الخ) رد ّ هذا بأنه خلاف الظاهر فلا يصار إليه إلا بقرينة (قوله من بساتين الأرض) أي كان فيها رجل يقال له آدم غير أبي البشر ثم أخرج من ذلك البستان. قالوا وكان ذلك البستان بعدن (قوله وهذا) أي حملهم الجنة الخ (قوله بالدين) أي فيه (قوله وأفعال الله الخ) هذا رد ّ لزعمهم أنه لا فائدة في خلقهما قبل الثواب والعقاب (قوله ولو تنزلنا الخ) هذا رد ّ عليهم بحسب قاعدتهم (قوله في ايقافها) أي أفعال الله (قوله فما المانع من اشتمالها) أي الأفعال التي نهى هنا خلق الجنة والنار الآن والاستفهام إنكاري (قوله في اعدادها) أي الأفعال بمعنى