على الأعيان بالدليل الإجمالي وعلى الكفاية بالتفصيلي، أو على الأعيان التفصيلي نقلا الآمدي عن الامام وغيره قائلا: من كان اعتقاده دون دليل ولا شبهة، فهو مؤمن عاص بترك النظر. الفهري ولا نزاع بين المتكلمين في عدم وجوب المعرفة بالدليل التفصيلي على الأعيان، وإنما هو كفاية، وظاهر قول ابن رشد في توازنه إنما هي بالدليل التفصيلي مندوب إليه لا فرض كفاية انتهى. قلت: وبالجملة، فالذي حكاه غير واحد عن جمهور أهل السنة، ومحققيهم أن القليد لا يكفي في العقائد، ولهذا قال ابن الحاجب في العقيدة المنسوبة إليه بعد قوله: إن الإيمان هو التصديق، وهو حديث النفس التابع للمعرفة لا المعرفة على الأصح قال: ولا يكفي التقليد في ذلك على الأصح اهـ. قلت: ويدّل على
وجوب المعرفة، وما للأئمة في ذلك من الأقوال للمناسبة، فقوله: وفي وجوب الخ من كلام ابن عرفة وهو خبر مقدّم، وقوله: بعد نقلا الخ مبتدأ مؤخر، والمعرفة هي الاعتقاد الجازم المطابق للواقع عن دليل ووجوبها وجوب الفروع بمعنى أنها ليست شرطا في الإيمان ولا جزءا منه (قوله على الأعيان) أي على كل واحد بعينه (قوله وعلى الكفاية الخ) فيجب على أهل كل قطر أن يكون فيهم من يعرف الدليل التفصيلي (قوله عن الإمام) راجع للقول الأوّل، وقوله: وغيره راجع للقول الثاني (قوله قائلا) حال من الغير (قوله دون الدليل) أي تفصيلي، والمراد بالدليل ما كانت مقدّماته يقينية، وقوله: ولا شبهة المراد بها المقدّمات المشهورة المنتجة لنتيجة صحيحة.
وأما لو كان الاعتقاد لدليل أو شبهة بمعناها المتقدم كان صاحبه مؤمنا غير عاص، فاندفع ما يقال الشبهة تحرّ للجهل المركب، وحينئذ فلا يكون من اعتقد اعتقادا جازما لشبهة مؤمنا (قوله الفهري) مبتدأ حذف خبره تقديره قال، وهذا من كلام ابن عرفة قصد بنقله معارضة القول الثاني الذي نقله الآمدي من وجوب المعرفة بالدليل التفصيلي (قوله وظاهر قول ابن رشد) هذا مبتدأ خبره قوله: إنما هي الخ، وهو قول الثالث في المعرفة (قوله إنما هي) أي المعرفة (قوله بالدليل التفصيلي) أي على كل ّ أحد، أوعلى أهل كل قطر (قوله انتهى) أي كلام الإمام محمد ابن عرفة في شامله (قوله وبالجملة) أي قولا متلبسا بالإجمال: أي بقطع النظر عن كلام ابن عرفه وغيره، وهذا راجع للكلام الذي ذكره قبل كلام ابن عرفة (قوله عن جمهور الخ) المراد بهم علماء الكلام (قوله لا يكفي في العقائد) أي وحينئذ فالمقلد كافر (قوله ابن الحاجب) اسمه عثمان ولقب بابن الحاجب لأن والده كان حاجبا: أي بوّابا لأمير قوص ووالده كردي، وولد هو بقوص ودفن بالأسكندرية (قوله المنسوبة له) إنما قال ذلك لعدم الجزم بنسبتها له، فقد قيل إنها لغيره (قوله حديث النفس) أي الكلام النفساني: أي قول النفس آمنت وصدقت (قوله التابع للمعرفة) أي الاعتقاد الجازم المطابق للواقع عن دليل (قوله لا المعرفة) أي لا أن التصديق هو المعرفة فقط التي هي لازمة لحديث النفس، ولا أنها أيضا حديث النفس التابع للاعتقاد (قوله قال ولا يكفي الخ) هذا هو المقصود بالذات للشارح من نقل عبارة ابن الحاجب والمناسب فلا يكفي ليتفرع هذا الكلام على ما قبله إلا أن يقال لاحظ ابن الحاجب ان تلك القضية