لطف في الإيمان باكمال تحقيق الوعد والوعيد، ونفع من كان بها من الحور والولدان ومن يرد عليهم من أرواح الشهداء والأولياء والأطفال، وكذلك أرواح الكفار بالنسبة إلى النار، واحتجوا بأنهما لو كانتا مخلوقتين لوجب أن لا ينقطع نعيم الجنة لقوله تعالى - أكلها دائم وظلها - وقد قال تعالى - كل شيء هالك إلا وجهه - والجواب أن ذلك بعد دخولهما في الآخرة، أو نقول قوله تعالى - كل شيء هالك إلا وجهه - عام مخصوص. وأما عذاب القبر واحياء الموتى فيه وسؤالهم فيه فهو حق عند جميع أهل السنة ودليله القرآن الكريم. أما في حق السعداء، فقوله تعالى - ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون - وأما في حق الأشقياء فقوله تعالى - النار يعرضون عليها غدوا وعشيا - ولا يصح أن يكون المراد منه عذاب الآخرة لعدم تقييده بالغدو ّ والعشي، ولقوله تعالى - ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد ّ العذاب فميز بين العذابين، ولقوله تعالى - أغرقوا فأدخلوا نارا - والفاء للترتيب باتصال، ووردت أخبار بلغت حد الاستفاضة باستعاذته عليه السلام من عذاب القبر، وقال القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، ثم لم يزل ذلك مستفيضا بين السلف قبل ظهور البدع، وقد نقل عن ضرار وبشير المريسي وجماعة من المعتزلة انكار عذاب القبر
المفعول بخلاف ما تقدّم فإن المراد بها فيه حقيقتها (قوله لطف في الإيمان) أي لطف للأشخاص ذوي الإيمان بسبب اكماله الوعد والوعيد: أي أو نقول ما المانع من أن يكون في إعدادهما الآن لطف وهو الغرض بدليل السياق، وكان المناسب أن يقول أو نقول ما المانع من أن يكون الغرض من اعدادهما اللطف بذوي الإيمان بسبب اكمال الخ (قوله وقد قال تعالى) هذا سند للاستثنائية المطوية القائلة لكن التالي باطل وهو وجوب عدم انقطاع نعيم الجنة، فالمقدم الذي هو كون الجنة والنار مخلوقتين الآن مثله، وإذا بطل المقدم ثبت نقيضه الذي هو ليستا مخلوقتين وهو المطلوب (قوله والجواب) أي عما تمسكوا به، وقوله: أن ذلك: أي دوام الأكل والظل وقوله: بعد دخولهما في الآخرة: أي بعد دخول الجنة والنار في الآخرة فالمصدر مضاف للمفعول (قوله عام مخصوص) معنى التخصيص الذي ذكره أن تجعل الجنة والنار من المستثنيات (قوله ودليله) أي المذكور من عذاب القبر وسؤاله واحياء الموتى فيه (قوله ولا تحسبن ّ الخ) هو دليل على الاحياء فيه (قوله فقوله تعالى النار يعرضون الخ) دليل على عذاب القبر والاحياء فيه لأن عرضهم عليها يقتضي احياءهم حتى يعذبوا (قوله ولا يصح الخ) جواب عما يقال المراد بالعذاب في الآية عذاب الآخرة (قوله لعدم تقييده الخ) فيه أنه معارض بقوله تعالى - ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا - فكما تصور ذلك في الجنة يتصور في النار نعم قوله بعد -ويوم تقوم الساعة - الآية يقتضي أن قوله النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ليس في الآخرة ولذا جاء به المصنف ولو اقتصر عليه بأن قال ولا يصح أن يكون المراد منه عذاب الآخرة لقوله تعالى - ويوم تقوم الساعة الخ كان أولى (قوله ولقوله تعالى) عطف على قوله لعدم تقييده (قوله والفاء للترتيب) أي ومعلوم أنهم لما أغرقوا أقبروا فتكون النار حاصلة لهم وهم في قبورهم (قوله ثم لم يزل ذلك) أي ما ذكر من الاستعاذة من عذاب القبر (قوله وبشر الخ)