والمسئلة فيه ورد ّ الأرواح فيه إلى الأجساد، وقالوا من مات فهو ميت في قبره إلى يوم القيامة، وزعم أبو الهذيل من المعتزلة أن من خرج من الدنيا على غير سمة الإيمان فانه يعذب بين النفختين ويسئل إذ ذاك. وأتثبت البلخي والجبائي وابنه عذاب القبر للكافرين والفاسقين دون المؤمنين، وأنكروا تسمية الملكين بمنكر ونكير، والشرع ورد بتسميتهما بذلك. وقال صالح قبة من المعتزلة عذاب القبر جائز، ويجري على المؤمنين من غير رد ّ الأرواح إلى أجسادها. وقال إن الميت يجوز أن يحس ويألم وهو خلاف الضرورة. وقالت طائفة من الكرامية والمعتزلة: إن الله يعذب الموتى في قبورهم ويحدث فيهم الألم وهم لا يشعرون، فاذا أحيوا وجدوا تلك الآلام، قالوا كالسكران إذا ضرب فانه يحس ألمه بعد إذا رجع إليه عقله، ومنع أصحابنا أن السكران لا يتألم، وإنما منعه من الأنين والتأوه حاله. واعلم أنه لا مانع في العقل من رد ّ الحياة إلى بعض أجزائه، ويحصل له من العقل والفهم ما يفهم به ويجيب ويدركه الملكان منه، وإن لم نسمع نحن كلامهم، وكذا يجوز أن يسمع كلام من سلم عليه وكل ّ ذلك جائز، وقد ورد السمع به فوجب اعتقاد ظاهره ولا حاجة إلى تكلف تأويله والله تعالى على كل شيء قدير. قالوا وليس في إحياء الأطفال خبر مقطوع به، وظاهر الخبر يدل ّ على التعميم إلا أنه لا بد ّ في ذلك من تكميل فهمهم ليعرفوا بذلك
ابن غياث المريسي بفتح الميم وكسر الراء المشدّدة نسبة إلى مرّيسة قوية (قوله والمسئلة) أي السؤال فيه (قوله ورد ّ الأرواح) أي وأنكروا رد الأرواح فيه اللازم للسؤال (قوله فهو ميت في قبره) أي فهو مطروح في قبره لا يتعلق به سؤال إلى يوم الحشر (قوله على غير سمة الإيمان) اضافة سمة بيانية: أي على غير صفة هي الإيمان بأن مات كافرا أو فاسقا، وقوله: فانه يعذب: أي فير القبر بين النفختين ويسأل إذ ذاك، وأما من مات على سمة الإيمان فلا يعذب في قبره ولا يسأل فيه قوله عذاب القبر للكافرين) أي فيعذبون فيه بمجرد إقبارهم ... (قوله دون المؤمنين) أي لأن الفاسق عندهم يخلد في النار لكن لا يعذب عذاب الكفر، وأما المؤمن فلا يعذب أصلا فالمراتب عندهم ثلاثة (قوله وأنكروا) أي البلخي والجبائي وابنه (قوله صالح) بالتنوين، وقبة بكسر القاف لقب له (قوله جائز) أي جوازا وقوعيا (قوله ويجري على المؤمنين) أي كما يجري على غيرهم (قوله ويألم) أي وان كانت الروح لم ترد ّ إليه (قوله خلاف الضرورة) أي خلاف الأمر الضروري من أن الحياة برد ّ الروح سبب في الاحساس والتألم فاذا انتفت الحياة انتفى ما ذكر منهما (قوله إذا رجع الخ) أي وأما قبل ذلك فلا يحس ّ بالألم (قوله أن السكران لا يتألم) أي لا يحس بالألم حال الضرب قبل أن يرجع إليه عقله (قوله إلى بعض أجزائه) أي الميت كقلبه وقيل نصفه الأعلى، وقال الحليمي تحل ّ الحياة في جميعه (قوله ويدركه) أي الجواب المفهوم من يجيب: أي ويدرك الملكان منه الجواب الذي يجيب به (قوله كلامهم) أي كلام كل ّ من الميت والملكين (قوله أن يسمع) أي الميت (قوله قالوا) أي العلماء (قوله وليس في إحياء الأطفال) أي في قبورهم لأجل السؤال عن الميثاق الذي أقروا به في صلب آدم (قوله على التعميم) أي تعميم السؤال لكل ّ من مات ولو