إلى الأمر والنهي والإباحة، وخطاب الوضع هو الحكم على أمر بأنه سبب أو شرط أو مانع لتلك الأشياء المذكورة، فالسبب حكم الشرع على دخول الوقت بأنه سبب لوجوب الصلاة والأمر بها وعدّة المرأة بأنها سبب لمنع النكاح وانعقاد البيع بأنه سبب لإباحة التصرّف في المبيع (وقوله ولا ما بينهما) وهو ما ليس بطاعة ولا معصية كالمباح وخطاب الوضع، إذ كل ذلك لا يعرف إلا من قبل الشرع.
(ص) وتفضل سبحانه بتأييدهم بالمعجزات الدالة على صدقهم، وهي فعل الله سبحانه الخارق للعادة المقارن لدعوى الرسالة متحدي ّ به قبل وقوعه غير مكذب يعجز من يبغي معارضته عن الإتيان بمثله.
(ش) المعجزة اسم فاعل مأخوذ من الإعجاز مصدر أعجز، وهي لفظ أطلق على الآية الدالة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر إمام الحرمين أن في إطلاق لفظ المعجزة عليها توسعا من وجهين أحدهما: أن اللفظ يشعر بحقيقة العجز
الطبية وغير ذلك، فإن الرسالة مشتملة على ذلك (قوله هو الحكم) المراد به خطاب الله: أي كلامه الدال على أن هذا الشيء سبب أو شرط أو مانع (قوله لتلك الأشياء) أي الأمر والنهي والإباحة فالمجرور تنازع فيه كل ّ من السبب والشرط والمانع (قوله دخول الوقت) أي وقت الصلاة (قوله وعدّة المرأة) عطف على دخول، وكذا قوله بعد وانعقاد البيع (قوله بأنها سبب الخ) علة للتمثيل بالعدّة وكذا يقال فيما بعده (قوله كالمباح) دخل بالكاف المكروه وخلاف الأولى (قوله إذ كل ذلك الخ) الإشارة راجعة للأطراف الثلاثة وهي الطاعة والمعصية وما بينهما وهو بيان لقول المصنف لما عرفت، فكأن المصنف قال لأن العقل لا يدرك دون شرع طاعة ولا معصية ولا ما بينهما لما عرفت من أن كل ذلك لا يعرف إلا من الشرع (قوله وتفضل) أي الله عليهم وعلينا حيث بين لنا طريق الاستدلال على ما كلفنا به من اعتقاد صدقهم ليثيب المستدل ّ، وأشار بقوله تفضل إلى أن خلق الله المعجزة ليس واجبا عليه، بل هو إحسان منه (قوله على صدقهم) أي في دعواهم الرسالة وما أتوا به من الأحكام (قوله متحدّي) أي مجعولا ذلك الخارق دليلا على الصدق حقيقة كأن يقول آية صدقي كذا أو حكما كأن يفهم منه مثل ذلك من غير تصريح (قوله غير مكذب) أي لمدّعيه: أي لمدّعى أنه آية صدقه (قوله أطلق) أي مجازا من إطلاق اسم الخاص على العام لأن الآية الدالة على صدق الرسول أعم ّ من أن تكون معجزة أو غير معجزة لصدقها بالخارق الذي ليس مقارنا لدعوى الرسالة فمصدوق المعجزة بعض مصدوق الآية الدالة على صدقه. واعلم أن العجز في الأصل اسم لمثبت العجز ثم استعمل في مظهر العجز ثم استعمل فما هو سبب للعجز، وحينئذ فالتاء في معجزة للنقل من الوضعية للإسمية (قوله على صدق النبي الخ) هذا مناسب للقول بالترادف والأقعد أن لو عبر بالرسول إلا أن يقال أراد جنس النبي (قوله عليها) أي الآية الدالة على صدق الرسول (قوله يشعر بحقيقة العجز) الإضافة للبيان، ومعنى الإشعار بالعجز الدلالة عليه فلفظ معجزة يدل على أنها أثبتت العجز للمعارض لأن اللفظ إذا أطلق ينصرف لمعناه الحقيقي، ومعنى المعجز الحقيقي