منهما اعادتها بأعيانها، وفي اعادة عين الوقت قولان: وكالصراط وكالميزان، وفي كون الموزون صحف الأعمال أو أجساما تخلق أمثلة لها تردّد وكالجنة والنار وعذاب القبر وسؤاله.
(ش) الحشر عبارة عن جمع الأجساد واحيائها وسوقها إلى الموقف وغيره من مواطن الآخرة والنشر عبارة عن احيائها بعد مماتها. وأجمع أهل الحق والمسلمون على أن الله تعالى يحيي الأبدان بعد موتها، والدليل عليه أن الاعادة إما أن تكون بمعنى اعادة الجواهر بعد اعدامها أو بمعنى ضمها وجمعها بعد تبديدها، وكلاهما ممكن وكل ممكن أخبر الصادق بوقوعه فهو حق فالإعادة حق، وإنما قلنا إن الاعادة بالمعنى الأوّل ممكنة لأن ماهية الجواهر والأعراض تقبل الوجود والعدم لذاتها لما عرفت أن القبول لا يكون إلا نفسيا، وإلا لزم التسلسل وذواتها لا تنقلب بعد عدمها، فكما قبلت الوجود والعدم ابتداء تقبلهما انتهاء، وإنما قلنا إنها تقبل الوجود والعدم لأنها لو لم تقبل إلا الوجود لكانت قديمة واجبة الوجود، وهو باطل لما سبق من برهان حدوثها ولو لم تقبل إلا العدم لكانت مستحيلة الوجود والعيان يكذبه. وأما امكان الاعادة بالمعنى الثاني، وهو جمع الأجزاء بعد تفريقها وخلق الحياة فيها، فواضح هذا إذا نظرنا إلى الإعادة بحسب قابلها، وإن نظرنا إليها بحسب فاعلها وهو الله جل وعلا فلا خلاف أن قدرته لا يتعاصى عليها ممكن وعلمه محيط بكل شيء فلا تعذر اذن لا من جهة القابل ولا من جهة الفاعل، وإلى نفي التعذرين أشار القرآن
خفية (قوله منهما) أي القولين (قوله وكالصراط) عطف على الحشر والنشر، وهو جسر ممدود على متن جهنم يرده الأوّلون والآخرون ولا طريق للجنة إلا عليه (قوله وكالجنة) لقب لدار النعيم، وهي موجودة الآن، والنار لقب لدار العقاب وهي موجودة الآن، وقالت المعتزلة يوجدان يوم القيامة (قوله وسوقها إلى الموقف وغيره) أي كالسوق إلى الميزان والصراط، وظاهره أن الحشر عبارة عن مجموع الأمور المذكورة، وأما النشر فهو عبارة عن الاحياء، وحينئذ فعطف النشر على الحشر في المتن من عطف الجزء على الكل، ولكن المشهور أن النشر هو إيجاد الأبدان بعد فنائها أو جمعها بعد تفريقها مع احيائها واخراجها من القبور، وأما الحشر فهو سوق الناس للموقف وغيره من مواطن الآخرة (قوله وأجمع الخ) في بعض النسخ وأجمع المليون: يعني أرباب الشرائع وهو الذي يناسب الخارج فإن الملل كلها من لدن آدم إلى سيدنا محمد مجتمعة على أن الله يحيي الأبدان بعد موتها (قوله والدليل عليه) أي على الاحياء (قوله وكلاهما ممكن) أي فالإعادة ممكنة وأخبر الصادق بوقوعها فقد طوى هذه النتيجة لظهورها وعليها يترتب قوله وكل ّ ممكن الخ (قوله وإلا لزم الخ) أي وإلا يكن ذاتيا بأن كان قبول الجوهر والعرض للوجود والعدم معللا احتاج لقبول آخر لأن العلة تؤثر في معلولها ما يقبله فلا تؤثر في القبول إلا إذا كان قابلا لقبول آخر وكذا يقال في القبول الآخر وهكذا، وقوله لزم التسلسل: أي أو الدور (قوله وذواتها) أي الجواهر والأعراض (قوله لا تنقلب بعد عدمها) أي بحيث تكون مستحيلة الوجود بل هي في حالة الوجود قابلة للعدم، وفي حالة العدم قابلة للوجود ولا نقل أنها بعد انعدامها انقلبت وصارت مستحيلة الوجود (قوله فواضح) لأن الأجزاء قابلة للجمع بدليل النشأة الأولى (قوله إذا نظرنا الخ) زيادة في البيان (قوله فلا تعذر) أي في جمع الأجزاء بعد افتراقها