ثبوتا أو نفيا: وإما أن يجد في نفسه الجزم بذلك الحكم أولا. والأوّل إما أن يكون لسبب، وأعني به إما ضرورة أو برهانا أو لا، وغير الجزم إما أن يكون راجحا على مقابله أو مرجوحا أو مساويا فأقسام الجزم اثنان، وأقسام غير الجزم ثلاثة، ويسمى الأوّل من قسمي الجزم علما ومعرفة ويقينا، والثاني اعتقادا، ويسمى الأوّل من أقسام غير الجزم: ظنا، والثاني وهما، والثالث شكا، إذا عرفت هذا، فالإيمان إن حصل عن أقسام غير الجزم الثلاثة، فالجماع على بطلانه، وإن حصل عن القسم الأوّل من قسمي الجزم وهو العلم، فالإجماع على صحته. وأما القسم الثاني وهو الاعتقاد، فينقسم قسمين: مطابق لما في نفس الأمر، ويسمى الاعتقاد الصحيح: كاعتقاد عامة المؤمنين المقلدين، وغير مطابق: ويسمى الاعتقاد الفاسد والجهل المركب: كاعتقاد الكافرين
يحكم بالمرجوح، وأن الوهم منشأ الحكم لا على أن الوهم ملاحظة المرجوح (قوله ثبوتا أو نفيا) أي انتفاء منصوبان على التمييز: أي من جهة ثبوته له أو انتفائه عنه (قوله بذلك الحكم) أي نسبة المحكوم به للمحكوم عليه (قوله والأوّل) هو ما إذا جزم بالحكم: أي أدركه إدراكا جازما (قوله يكون) أي الجزم (قوله ضرورة) نحو الواحد نصف الاثنين، فإن الحاكم بثبوت النصفية جازم بتلك النسبة بسبب الضرورة: أي البداهة (قوله أو برهانا) نحو العالم حادث وكل حادث له صانع ينتج العالم له صانع، فالحاكم بثبوت صانع للعالم جازم بتلك النسبة بسبب البرهان المذكور (قوله أولا) أي أو لا يكون جزمه لسبب، بل لا لشيء أصلا أو لشبهة (قوله وغير الجزم) أي والادراك للحكم إدراكا غير جازم (قوله الأوّل) أي الجزم بالحكم لضرورة أو برهان (قوله والثاني) أي الجزم لا لضرورة ولا برهان بل ناشئ عن شبهة أو لا لشيء أصلا (قوله الأوّل من أقسام غير الجزم) أي ادراك الحكم الراجح على مقابله (قوله والثاني) أي ادراك الحكم المرجوح على مقابله (قوله والثالث) أي ادراك الحكم المساوي لمقابله بناء على أن الشك ادراك بسيط لا على أنه ادراك لمجموع شيئين أو أنه التردد في الوقوع وعدمه (قوله فالإيمان إن حصل الخ) أي إن تعلق به شيء من غير أقسام الجزم، فالمراد الإيمان الصوريّ بحسب الظاهر، وهو العقائد كثبوت القدرة والإرادة لله. أما الإيمان بمعنى الإذعان المصاحب للاعتقاد الجازم المطابق الناشئ عن دليل فلا يتعلق به ظن ولا شك ولا وهم (قوله على بطلانه) أي عدم الاعتداد به في خلوص صاحبه من الخلود في النار (قوله وإن حصل الخ) أي وإن تعلق به القسم الأوّل (قوله وهو العلم) أي مع الاذعان: أي قول النفس قبلت ذلك (قوله وأما القسم الثاني) أي وأما إن تعلق به القسم الثاني (قوله وهو الاعتقاد) أي الجزم لغير ضرورة أو برهان (قوله مطابق لما في نفس الأمر) أي علم الله أو اللوح المحفوظ، والمراد بمطابقة الاعتقاد لما في نفس الأمر مطابقة متعلقة، وإلا فهو مباين (قوله ويسمى الاعتقاد الصحيح) أي الموافق لما في نفس الأمر، وهو النسبة الخارجية: أي الموافق متعلقة
لما في نفس الأمر، وإن كان صاحبه كافرا كما جرى الشارح عليه فيما سيأتي، فكون صاحب هذا الاعتقاد مؤمنا إنما هو بحسب الظاهر، وقوله: عامة المؤمنين جعله العامة مؤمنين بالنظر للظاهر وإلا فهم كفار عنده (قوله وغير مطابق) أي وغير مطابق متعلقة لما في نفس الأمر (قوله كاعتقاد الكافرين) أي اعتقادهم الموجب للكفر. أما اعتقادهم