كان عاجزا والعاجز لا يتأتى منه فعل ولا ترك. فإن قيل لعل الصانع طبيعة أو علة فلا يلزم من عجزه عدم فعله. فالجواب أنه سبق أن صانع ذاتك وسائر العالم لا يكون إلا مختارا، ويستحيل أن يكون طبيعة أو علة، وبطلان التالي وهو عدم ايجادك ظاهر مما سبق أوّل العقيدة من البرهان على وجود الصانع.
(ص) ومريدا وإلا لما اختصصت بوجود ولا مقدار ولا صفة ولا زمن بدلا عن نقائضها الجائرة فيلزم إما قدمك أو استمرار عدمك.
(ش) المريد هو من له صفة يرجح بها وقوع أحد طرفي الممكن، وإن شئت فقل هو القاصد لوقوع أحد طرفي الممكن، ونظم الدليل على أنه تعالى مريد. لكن على غير النظم الذي أشرنا إليه في العقيدة أن تقول: الله جل وعلا خصص الحوادث بأحد الطرفين الجائزين عليها وكل من كان كذلك فهو مريد فينتج الله جل وعلا مريد. أما الصغرى فواضحة إذ لا يخفى أنه لما كان وجود الممكنات وعدمها بالنسبة إليها سواء لا يجب أحدهما ولا يستحيل، بل هما جائزان على حد السواء، ثم إنه جل وعلا أوجد هذا الممكن فبالضرورة أنه تعالى هو الذي خصصه بأحد الطرفين الجائزين عليه، وهو الوجود ولم يبقه على الطرف الآخر الجائز وهو العدم، وكذا أوجده على مقدار مخصوص في ذاته، فخصصه أيضا بذلك بدلا عن الطرف الآخر الجائز وهو أن يكون أكبر من ذلك المقدار أو أصغر، وكذا خصه بالوجود في ساعة كذا من يوم كذا في شهر كذا في سنة كذا بدلا عن الوجود المتقدم على ذلك أو المتأخر، وكذا ما يتعلق بالألوان وسائر الأعراض
باطل (قوله ولا ترك) لأن تأتي ترك الشيء إنما يكون بالقدرة ولا قدرة للعاجز وعدم صدور الفعل عند العجز لا يقتضي صدور شيء من العاجز وإنما ذلك عدم صدور لا صدور العدم ... (قوله فإن قيل الخ) وارد على الملازمة في قوله لو لم يكن صانعك قادرا لما أوجدك. وحاصله أنا لا نسلم الملازمة ما المانع من أن يكون عاجزا ويوجدك بطريق التعليل أو الطبع فلا يلزم من عجزه عدم فعله، ثم إن هذا السؤال يرد على ظاهر عبارة المتن بقطع النظر عن تقييد الشارح فيما سبق الايجاد بالاختيار وإلا اندفع هذا السؤال كما يندفع أيضا بجواب الشارح هنا (قوله فالجواب الخ) حاصله أنه قد مر ّ ابطال كون الموجد علة أو طبيعة، وحينئذ فلم يبق إلا الايجاد بالاختيار ولا شك أنه يلزم من عدم القدرة عدم الايجاد بالاختيار (قوله وهو عدم إيجادك) أي عدم إيجاده إياك: أي عدم كونه موجدا لك، وليس المراد عدم كونك موجودا إذ هذا باطل بالمشاهدة لا بالبرهان السابق (قوله بوجود الخ) ترك المصنف من الممكنات الست المتقابلات الجهة والمكان (قوله عن نقائضها) أراد بها مطلق المنافيات (قوله فيلزم إما قدمك الخ) أي أنه إذا انتفى الاختصاص يلزم الخ (قوله من له صفة) أي ارادة (قوله يرجح بها) أي صالحة لأن يرجح بها فهو اشارة للتعلق الصلوحي القديم (قوله وإن شئت الخ) إشارة للتعلق التنجيزي القديم، فقوله هو القاصد: أي بالفعل في الأزل (قوله لكن على غير النظم الخ) أي لأن الذي في العقيدة استثنائي وهذا اقتراني (قوله الله جل وعلا مريد) أي متصف بكونه مريدا (قوله إليها) أي الممكنات (قوله السواء) أي على الراجح، وقيب العدم أولى من الوجود (قوله وسائر الأعراض) أي