فهرس الكتاب
الصفحة 20 من 517

فلا يدركه ضرورة الا من شاركه في سببه الذي هو الذوق والسبب في مسئلتنا العثور على النظر الصحيح المطلع على وجه الدليل. وأما ما احتج به المهندسون من أن الحكم على الشيء فرع تصوره وحقيقة الاله يستحيل تصوّرها فلا يدرك بالنظر الحكم عليها، وبأن أقرب الأشياء إلى الانسان هويته التي يشير إليها بأنا وفيها من كثرة الخلاف ما علم فما ظنك بأبعدها عن الأوهام والعقول فممنوع. أما الأوّل فلأن الحكم إنما يتوقف على تصوّر مّا وهو موجود لا على كمال التصوّر. وأمّا الثاني فلا ينتج الامتناع بل العسر

أي وباشره (قوله فلا يدركه) الأولى لا يدركها: أي الحلاوة ولعله ذكر نظرا إلى أن الحلاوة شيء مذوق وسبب حلاوتها ذوقها (قوله في مسألتنا) هي إفادة النظر العلم (قوله العثور) أي الاطلاع والمراد بالاطلاع المباشرة والتلبس ولا شك أن كل من باشر النظر الصحيح أفاده العلم المنظور فيه (قوله المطلع) أي المؤدي صفة كاشفة (قوله على وجه الدليل) الدليل كالعلم وجهته الحدوث والغير والوجود والامكان ثم تحمل الجهة عليه نحو العالم حادث ثم تجعل موضوعا ويحمل عليها المطلوب بأن تقول وكل حادث لا بد ّ له من محدث، وكون الدليل مفردا مذهب الأصوليين، والمراد بجهته عندهم ما يجعل حدّا وسطا عند التركيب وبكونه صحيحا أن يكون النظر فيه من الجهة الموصلة للمطلوب (قوله وأما ما احتج به المهندسون الخ) حاصله أنهم احتجوا على أن النظر لا يفيد العلم في الالهيات: أي لا يفيد العلم بالأحكام الثابتة للإله باحتجاجين، تقرير الأوّل منهما أن يقال حقيقة الاله يستحيل تصوّرها وكل ما يستحيل تصوره لا يدرك: أي لا يعلم بالنظر الحكم عليه ينتج ذات الله لا يدرك بالنظر الحكم عليها والصغرى ظاهرة والكبرى دليلها أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره فقول الشارح من أن الحكم الخ هو في الحقيقة دليل الكبرى، وقوله: وحقيقة الاله الخ هو الصغرى، وقوله: فلا يدرك الخ هو النتيجة وحذف الكبرى للعلم بها من دليلها، والمراد بالحكم في قوله لا يدرك الخ النسبة كثبوت الوجود: أي فلا يعلم بالنظر ثبوت شيء لها، وتقرير الثاني مهما أن يقال أقرب الأشياء إلى الانسان هويته ولم يكن النظر فيها مفيدا العلم بها إذ لو كان مفيدا للعلم بها لما اختلف العقلاء فيها واللازم باطل فكذا اللزوم وإذا كان النظر لا يفيد العلم بما هو أقرب الأشياء للإنسان وهو هويته فلا يفيد العلم بما هو أبعد الأشياء إليه كذات الله وصفاته بالأولى. ... أما الملازمة فظاهرة، وأما بطلان اللازم فلأنك ترى في مباحث النفس اختلافات كثيرة في أن النفس هل هي عرض أو جوهر مجرد أو جزء لا يتجزأ أو أجزاء سارية بالبدن ولم يحصل الجزم فيها بشيء (قوله وبأن أقرب الخ) عطف على المعنى والباء بمعنى من وهو احتجاج ثان كما هو المتبادر وهو في الحقيقة علة لصغرى ما قبله لا دليل ثان (قوله هويته) عند المهندسين هي الروح نسبت إلى هو لأنه يعبر به عنها، وعند أهل السنة يشار بأنا وهو للهيكل المخصوص المركب من روح وبدن (قوله بأبعدها) هو الذات العلية (قوله فممنوع الخ) أي

لا يفيد مدّعاتهم (قوله أما الأوّل) ما منع الاستدلال به، وقوله: لا على كمال التصور: أي لا على التصوّر الكامل وهو تصور الذاتيات فحينئذ يدرك بالنظر الحكم على الذات العلية لأنها تتصور بوجه مّا (قوله وأما الثاني الخ) ظاهره أن المعنى. وأما منع الثاني

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام