بأن كل عالم يجد في نفسه حديثا مطابقا لمعلومة بالضرورة، ولا معنى لكلام النفس إلا ذلك. واعتراضه شرف الدين بن التلمساني بأن اثبات قضية كلية عامة تشملنا وتشمل الباري جل وعلا من قضايا جزئية وجدانية قد لا يساعد الخصم على تسليمه وأخذ القضايا الكلية عن المحسوسات والوجدانيات لا تتم ّ إلا باستقراء عادات، واثبات أحكام الله تعالى وصفاته لا تؤخذ من القضايا العاديات، فالوجه الاعتماد على السمع، وسننقح إن شاء الله تعالى معنى الكلام القديم الموصوف به جل ّ وعلا.
(ص) ولا يستغني بكونه عالما عن كونه سميعا بصيرا لما نجده من الفرق الضروري بين علمنا بالشيء حال غيبته عنا وبين تعلق سمعنا وبصرنا به قبل.
(ش) اعلم أن العقلاء قد اختلفوا في معنى هاتين الصفتين، فذهب الجبائي وابنه ومن تبعهما إلى أن معنى السميع البصير شاهدا أو غائبا هو الحي الذي لا آفة به، وهذا معنى باطل فإن الحياة ليست من الصفات المتعلقة والسمع والبصر من الصفات المتعلقة
(قوله بأن كل الخ) هذه كبرى وحذف الصغرى القائلة الله عالم فالنتيجة الله يجد في نفسه حديثا مطابقا لمعلومه ولامعنى للكلام النفسي الخبري إلا الحديث المذكور (قوله بأن اثبات قضية كلية) هي هنا كل عالم يجد في نفسه حديثا الخ، وفي بعض النسخ أنه: أي الحال والشأن ... (قوله من قضايا) من بمعنى الباء (قوله وجدانية) أي من الأمور الباطنية (قوله قد لا يساعد الخصم على تسليمه) أي الاثبات هذا اعتراض أوّل: أي، وحينئذ فيجوز القدح بأن يقول الخصم أنا عالم بكذا ولا أجد في نفسي حديثا مطابقا له فلا تتم القضية الكلية، وإنما تتم الجزئية ومتى كانت كبرى الشكل الأوّل جزئية كان فاسد النظام (قوله وأخذ القضايا الخ) اعتراض ثان ... (قوله عن المحسوسات) نحو كل حيوان يحرك فكه الأسفل عند المضغ فهذه قضية كلية مأخوذة من محسوسات لأنك تقول أوّلا الإنسان يحرك فكه الأسفل عند المضغ والبغل كذلك والحمار كذلك والفرس كذلك وهكذا فكل حيوان يحرك فكه الأسفل عند المضغ (قوله والوجدانيات) أي كما إذا قلت كل عالم يجد في نفسه حديثا مطابقا لمعلومه فإن هذه قضية كلية وجدانية مأخوذة من قضايا جزئية بأن تقول أنا عالم بكذا وأجد في نفسي حديثا مطابقا له وزيد يقول كذلك وبكر يقول كذلك وهكذا فكل عالم يجد في نفسه حديثا مطابقا لمعلومه (قوله عادات) أعم من أن تكون وجدانية أو حسية: أي استقراء جميع أفرادها (قوله لما نجده الخ) سند لقوله ولا يستغني الخ (قوله الضروري) أي البديهي (قوله قبل) أي قبل غيبته عنا ... (قوله أن العقلاء) أي من المسلمين ولو بحسب الظاهر (قوله هاتين الصفتين) أي كونه سميعا وكونه بصيرا (قوله الجبائي) نسبة لجبي بالقصر قرية من أعمال خراسان واسمه حسن (قوله وابنه) اسمه هاشم (قوله شاهدا) أي مشاهدا لنا، وقوله: أو غائبا: أي عنا (قوله هو الحي ّ الخ) فقد فسروهما بتفسير مركب تركيبا توصيفيا (قوله وهذا) أي التفسير بطرفيه (قوله فإن الحياة الخ) الأولى فإن كونه حيا وهذا اعتراض على التفسير. وحاصل قياس من الشكل الثاني وهو أن تقول الحياة ليست من الصفات المتعلقة باتفاق والسمع والبصر من الصفات المتعلقة باتفاق ينتج