فهرس الكتاب
الصفحة 82 من 517

وأيضا فقد وقعت فيهما ظواهر من اعتقدها على ظاهرها فقد كفر عند جماعة وابتدع ولا يحسن تأويلها إلا الراسخ في علوم النظر المرتاض في علمي اللسان والبلاغة. وأما من زعم أن طريق المعرفة الرياضة والمجاهدة وتصفية الباطن، فيقال له الرياضة عبارة عن ملازمة العزلة والخلوة، وتناول الحلال والجوع، والتقليل من الدنيا على سبيل الزهد فيها، ومداومة التعبد والذكر، وكيف يمكن التعبد لمن لا يعرف معبوده، والذكر لمن لا يعرف مذكوره، والتقوى لمن لا يعرف آمره وناهيه، أو طلب مباح لمن لا يعرف المبيح. نعم لا ينكر أن الاستعانة بذلك بعد معرفة الله تعالى وأحكام ما يتقرب به إليه سبب لرسوخ المعرفة، والزيادة في المعارف وتعرض لكثير من المواهب

استحال كذبه وحيث كان حجتيهما لا تعرف إلا بالنظر العقلي صار الأمر موقوفا على النظر العقلي فهو الطريق لمعرفة العقائد لا هما وهو لا يعلم إلا من علم الكلام ثم إن الالتفات لهما عند هذا الزاعم من حيث أنهما طريق لمعرفة الحق لا من حيث الحجية وعدمها فالأولى أن يقول فالرد ّ عليه أنا لا نسلم أنهما طريقان لمعرفة الحق بل الطريق إنما هو النظر العقلي (قوله وأيضا الخ) رد ّ ثان (قوله ظواهر) أي قضايا دالة بحسب الظاهر على عقائد فاسدة نحو الرحمن على العرش استوى، يد الله فوق أيديهم (قوله من اعتقدها) أي اعتقد ظاهرها (قوله فقد كفر الخ) الأولى حذف قوله عند جماعة والواو في قوله وابتدع بمعنى أو، والمراد فقد كفر إن اعتقد معنى مكفرا كاعتقاد أن الله جسم كالأجسام وابتدع أن اعتقد معنى غير مكفر ككون الله جسما ليس كالأجسام (قوله تأويلها) أي صرفها عن ظاهرها الفاسد (قوله في علوم النظر) أي العلوم المؤلفة في المناظرة الواقعة بين أهل السنة وغيرهم المذكور فيها عقائد وأدلة كل ّ ... (قوله المرتاض) أي المتمرّن (قوله في علمي اللسان والبلاغة) علم اللسان: النحو واللغة، وعلم البلاغة المعاني والبيان (قوله المعرفة) أي بعقائد التوحيد (قوله والمجاهدة) من عطف الجزء على الكل لأن الرياضة ملازمة العزلة للعبادة مع مجاهدة النفس بالعبادة من ذكر وصلاة وصوم ونحو ذلك (قوله وتصفية الباطن) أي من الحسد والكبر والرياء والعجب (قوله عبارة) أي معبر بها (قوله وتناول الخ) عطف على العزلة (قوله على سبيل الزهد فيها) لا لمانع كمرض (قوله ومداومة) عطف على ملازمة وهي بمعناها فقد تفنن فرارا من ثقل التكرار (قوله وكيف الخ) استفهام انكاري بمعنى النفي: أي ولا يمكن التعبد الخ لأن التعبد فرع المعرفة والمراد التعبد الكامل وإلا فأصل التعبد المدار فيه على الجزم بوجود المعبود ولو من غير دليل (قوله والتقوى) هي امتثال الأوامر واجتناب النواهي (قوله أو طلب مباح) أي تناوله من حيث أنه مباح شرعا (قوله نعم الخ) استدراك على قوله: وأما من زعم أن طريق المعرفة الرياضة الخ (قوله لا ينكر أن الاستعانة بذلك) أي المذكور من الرياضة والمجاهدة والتصفية (قوله بعد معرفة الله) أي بعد حصولها فالرياضة وما عطف عليها ناشئة عن أصل

المعرفة (قوله وأحكام الخ) أي وبعد معرفة أحكام العبادات التي يتقرب بها إلى الله من صلاة وصوم مثلا فهو بفتح الهمزة ويصح كسرها بمعنى اتقان عطفا على معرفة (قوله لرسوخ المعرفة) أي السابقة (قوله في المعارف) أي غير المعرفة الأصلية (قوله وتعرض) عطف على سبب (قوله لكثير من المواهب) أي المعارف فكثرة

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام