والترقي من مقام الإيمان إلى مقام الإحسان، فالبحث عن ذلك فرع تحصيل أصل الإيمان بالنظر الصحيح، وتحصيل علوم يطول تتبعها، والتقدم لمعالي الأمور قبل اتقان أصولها وضبط طرقها عجلة وشهوة نفسانية توجب لصاحبها الفضيحة دنيا وأخرى، وإلا فالبراهمة والنصارى قد ارتاضوا على عقيدة فاسدة، فلم يزدهم ذلك إلا ضلالا، وكثيرا ما يغتر أصحاب هذه الطريق بالتخيلات الشيطانية أو النفسانية نوما ويقظة، ويعدّونها كرامات، وهي في الحقيقة استدراج وزيادة لهم في أنواع الضلالات، فنسأله سبحانه وتعالى أن يلهمنا رشد أنفسنا، وسنتعرض إن شاء الله لذكر شروط الوليّ في فصل النبوّة عند بيان الفرق بين الكرامة والمعجزة، ومن قال من الهنود: إن طريق المعرفة الالهام، وعنوا به إذا تجردت للشيء وأزالت الشواغل البدنية
المواهب ترجع لكثر ة المعارف (قوله والترقي) أي وتعرض للترقي: أي الانتقال (قوله إلى مقام الإحسان) بحيث يصير ملاحظا ومستحضرا لمولاه عند كل شيء وفي كل حال (قوله فالبحث عن ذلك) أي فالالتفات لما ذكر من الرياضة وما عطف عليها (قوله فرع الخ) أي لا فرع لتحصيل الإيمان الكامل (قوله بالنظر الصحيح) متعلق بمحذوف: أي فرع تحصيل الإيمان المصاحب للمعرفة الكائنة بالنظر الصحيح (قوله وتحصيل الخ) أي وفرع تحصيل علوم: أي مسائل علمية وهي مسائل علم الفقه وعلم التصوّف (قوله والتقدم الخ) المعالي جمع معلاة: الأمر المكسب للشرف كالذكر وتناول الحلال والعزلة (قوله أصولها) معرفة الله والأحكام الشرعية والمسائل الصوفية (قوله وضبط) عطف على اتقان مرادف له (قوله طرقها) أي لك الأصول أي الطرق هي تلك الأصول فالإضافة للضمير بيانية (قوله عجلة) خبر قوله والتقدم: أي استعجال على تحصيل الشيء قبل أوانه (قوله الفضيحة) أي عند امتحان غيره له (قوله وإلا الخ) أي وإلا نقل أن الرياضة ناشئة عن المعرفة بأن قلنا أنها محصلة للمعرفة كما قال هذا الزاعم لمنع ذلك لأن البراهمة الخ (قوله فالبراهمة) قوم من اليهود منسوبون إلى رجل اسمه برهم (قوله قد ارتاضوا على عقيدة فاسدة) كاعتقاد النصارى أن المسيح ابن الله واعتقاد البراهمة قدم العالم ونفي الرسالة (قوله أصحاب هذه الطريق) هم المرتاضون قبل المعرفة (قوله بالتخيلات الشيطانية أي بالأمور الخارقة للعادة التي يظهرها الشيطان لهم(قوله أو النفسانية) أي بحيث أن النفس تظهر لهم في النوم أو اليقظة حالة حسنة (قوله كرامات) جمع كرامة، وهي أمر خارق للعادة يظهر على يد ظاهر الصلاح غير الأنبياء (قوله استدراج) هو الأمر الخارق لعادة الذي بظهر على غير يد مدعي الصلاح سمي بذلك لأنه يغتر ّ به صاحبه حتى يدرجه ويوقعه فيما هو أعظم مما هو عليه من المعاصي فيأخذه الله أخذا لا يمكن إفلاته (قوله رشد أنفسنا) أي ما به صلاح حالنا (قوله وسنتعرض الخ) وعد بذكرها ولم يتعرض لها فيما يأتي سهوا منه ولم يذكر هناك إلا تعريف الكرامة، والمراد بالشروط العلامات وهي امتثال الأوامر واجتناب النواهي وعدم الانهماك في الشهوات(قوله
وعنوا به الخ)وليس مرادهم بالإلهام إلقاء معنى في القلب بطريق الفيض (قوله للشيء) أي وتوجهت للشيء فهو متعلق بمحذوف (قوله وأزالت الشواغل البدنية) أي القائمة بالبدن ظاهرية أو باطنية معطوف على تجردت عطف تفسير ولا يخفى أن التجريد غير