فهرس الكتاب
الصفحة 277 من 517

وعرفا من قوله تعالى - وكلم الله موسى تكليما - من غير نظر إلى التوكيد أنه كلمه من غير واسطة، بل بكلامه القديم القائم به، وكذلك قوله - أني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي - إنما يتبادر إلى الذهن من هذه الاضافة الكلام القائم به جل ّ وعلا لا سيما مع ما اقترنت به من اصطفاء موسى عليه السلام بها على الناس، ولا موجب لصرفه اللفظ عن ظاهره إلا توهم انحصار الكلام في الحروف والأصوات وقيامها بذاته تعالى محال فتعين التأويل وجوابه أنه قد سبق بطلان هذا التوهم فتعين الإيمان بالظاهر إذ لا عاضد للمرجوح، وأيضا فقول المعترض أن التوكيد في الآية إنما يحقق المسند، وليس فيه وقع النزاع بل في النسبة نقول على تقدير تسليمه إن لم يحقق النسبة فلم يقتض خلاف ظاهرها، فتعين الظاهر لعدم الصارف عنه (قوله: لاستلزام جميع ما ذكر التغير والحدوث) قد ذكرنا وجه ذلك في جميعها مفصلا وبالله التوفيق.

(ص) فصل: ثم نقول يجب لهذه الصفات الوحدة، فتكون قدرة واحدة وارادة واحدة وعلما واحدا وكذا ما بعدها، ويجب لها عدم النهاية في متعلقاتها،

انه حصل بها أصل الاثبات فلا يصح لأن انكار الخ: أي، وحينئذ فلم يظهر أن الأصل الاثبات حصل بالآية (قوله أنه كلمه) أي حقيقة (قوله اقترنت) أي تلك الاضافة (قوله بها) أي بتلك الاضافة (قوله وقيامها الخ) حال (قوله وجوابه) أي جواب ما تضمنه قوله ولا موجب لصرف اللفظ الخ الذي هو مستندهم (قوله بالظاهر) أي بالمعنى الظاهر من اللفظ، وأما استعمال كلم بمعنى خلق الكلام فليس معنى ظاهرا من اللفظ، بل هو مجاز مرسل من اطلاق اسم المتعلق بالفتح على المتعلق بالكسر لأن الخلق يتعلق بالكلام (قوله وأيضا الخ) هذا جواب عن السؤال الثاني: أعني قوله سابقا سلمنا دفع التوكيد الخ، وقد أجاب عنه أوّلا بغير ما أجاب به عنه هنا لأن هذا الجواب جاز على تسليمه، وما تقدّم جواب بالمنع، وحاصل ما تقدّم أنا نمنع التجوّز في النسبة بل في الطرف: أعني المسند والتأكيد بالمصدر يدفعه، وحينئذ فلم يتم مدعاكم من أن التجوز إنما هو في النسبة والتأكيد بالمصدر يجامعه ولا يدفعه إلا التأكيد المعنوي، سلمنا أن التجوز في النسبة وأن النزاع إنما هو فيها، وأن أهل السنة يقولون المتكلم هو الله والمعتزلة يقولون المتكلم هو الشجرة فنقول هذا التوكيد كما أنه لم يحقق النسبة وأن المتكلم هو الله كما نقول نحن به فلم يحقق خلاف ظاهرها وهو أن المتكلم الشجرة فقد استوينا في هذا التوكيد ولكن الظاهر من الآية أن المتكلم هو الله حقيقة فتعين الرجوع للظاهر من الآية لعدم الصارف عنه، وكان الأولى ذكر هذا الجواب عقب ما قدّمه أوّلا من المنع إذ هو غير مناسب لمل قبله (قوله لم يحقق) أي التوكيد.

فصل

(قوله ثم نقول يجب لهذه الصفات الوحدة) ثم للترتيب الإخباري، وهذه اشارة للقريب وهو صفات المعاني ومثلها المعنوية لأن ما ثبت للمتبوع يثبت للتابع (قوله فتكون) أي الصفات وخبر تكون قوله قدرة وما عطف عليه (قوله ويجب لها الخ) أي لغالبها، فخرجت الحياة إذ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام