فتعلق القدرة والارادة بكل ّ ممكن، والعلم والكلام بجميع أقسام الحكم العقلي، وهي كل ّ واجب وجائز وستحيل، والسمع والبصر والادراك على القول به بكل ّ موجود.
(ش) ذكر في هذا الفصل حكمين من أحكام الصفات. أحدهما: وجوب الوحدة لكل ّ واحدة منها. الثاني: وجوب عموم التعلق لما تعلق منها في كل ما تصلح له، فقولي ويجب لها عدم النهاية: أي للمتعلق منها وهو ما عدا الحياة. أما الوحدة في الصفات فهي مما لا خلاف فيها عند أهل السنة في جميعها إلا العلم والكلام. أما العلم فخالف فيه أبو سهل الصعلوكي من الأشعرية وأثبت لله تعالى علوما لا نهاية لعددها كما أن متعلقاتها كذلك، ورد عليه الجمهور بوجهين: أحدهما أنه يلزم على قوله دخول ما لا نهاية له في الوجود وهو محال. الثاني أنه مخالف للإجماع، لأن القائل قائلان قائل بإثبات العلم القديم مع وحدته وقائل بنفيه. أما ثبوت علوم قديمة لا نهاية لها فمجمع على بطلانه. قال ابن التلمساني: والرد الأوّل فيه نظر فان الذي قام الدليل على استحالته وجود حوادث لا نهاية لها، وبينوا الاستحالة فيها بوجوه لا تطرد مع فرض القدم كتقدير خروج بعضها عن الجملة ونسبة الجملتين ولزوم تطرق الأقل والأكثر
لا تعلق لها بشيء (قوله فتتعلق القدرة الخ) التعلق طلب الصفة أمرا زائدا على محلها (قوله بكل ممكن) خيرا كان أو شرا صلاحا أو أصلح (قوله وهي كل واجب الخ) فيه أن هذه ليست أقساما للحكم العقلي، بل لمتعلقه لأنه الموصوف بكونه واجبا أو جائزا أو مستحيلا، وذلك نحو الله موجود وخالق لجميع الأفعال والشريك موجود، فالمحمول في الأوّل واجب وفي الثاني جائز وفي الثالث مستحيل. ويجاب بأن قوله: أولا بجميع الخ على حذف مضاف: أي بجميع أقسام متعلق الحكم العقلي أي أنهما يتعلقان بكل ما يصلح تعلق الحكم العقلي به (قوله بكل ّ موجود) فالله يسمع السواد والبياض ويبصر الروائح والطعوم والأصوات. لكن لكل واحد منهما، وللإدراك على القول به تعلق على كيفية وحالة غير ما عليها الآخر، ولا يعلم تلك الحالة إلا هو جل ّ وعلا، ولا تتعلق الثلاثة بالأحوال على القول بها لأنها لم تصل لمرتبة الوجود (قوله في كل ما تصلح له) متعلق بعموم التعلق (قوله إلا العلم والكلام) أي القدرة (قوله أمّا العلم) أي والقدرة (قوله فيه) أي في وحدته (قوله كما أن متعلقاتها كذلك) أي لا نهاية لها، وأفاد بذلك أن العلوم متعدّدة بتعدّد المعلومات (قوله دخول) أي اتصاف (قوله بإثبات) أي ثبوت (قوله بنفيه) أي انتفائه (قوله وجود حوادث لا نهاية لها) وأما وجود قدماء: كعلوم لا نهاية لها فلم يقم الدليل على استحالته (قوله كتقدير خروج الخ) هذا من جملة الوجوه التي يستدل ّ بها على استحالة وجود حوادث لا نهاية لها وهو برهان القطع والتطبيق، فاذا فرضنا من الحوادث سلسلة أوّلها الطرفان متسلسلة إلى الأزل وسلسلة أخرى من الآن للأزل، فاذا طبقنا بين السلسلتين فلا يخلو إما أن يتساويا، وهذا باطل لما يلزم عليه من مساواة الزائد للناقص، وإما أن تكون إحداهما أزيد، فإن كانت الطوفانية أزيد لزم زيادة الناقص على الكامل، وإن كانت الآنية أزيد، فنقول هذه الزيادة حيث كانت بالقدر الذي من الطوفان للآن كانت متناهية والزائد بالمتناهي متناه، واذا كانت اللوازم الثلاثة باطلة بطل اللزوم، وهو وجود حوادث لا أول لها، ثم إن هذا الدليل لا يطرد ولا يتم ّ مع فرض