فهرس الكتاب
الصفحة 47 من 517

الدليل الثاني والثالث

الموافق الرد على الدليل الثالث

ماتوا ولم يعرفوا الجوهر والعرض، ونقل عن الأستاذ ابن فورك أنه قال: لو لم يدخل الجنة التي عرضها السموات والأرض إلا من يعرف الجوهر والعرض لبقيت خالية. الثاني أنه حكى عن بعض السلف أنه قال: عليكم بدين العجائز، وحكى عن الإمام الفخر أنه قال عند موته: اللهم إيمان العجائز. وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لرجل سأله عن الأهواء: عليك بدين الصبي الذي في الكتاب ودين الأعرابي ودع ما سواهما. الثالث: أنا نجد بعض المقلدين أقوى إيمانا وأرسخ اعتقادا ممن نظر في علم التوحيد. قلت لا يخفى فساد ما تمسك به على كل ّ موفق. أما الثالث: وهو رحجان إيمان بعض المقلدين على إيمان من نظر، فهو من المصادرة

التوحيد، لا بذل الوسع في تحصيل الأحكام الفرعية وغيرها (قوله ماتوا ولم يعرفوا الخ) فالحالة القائمة بهم حالة تقليد، فلولا أنها أشرف الحالات لما ارتكبوها، فهذا يدّل على أن التقليد أرجح مع أن الاستدلال على حدوث العالم المتوقف عليه الاستدلال على وجود الله متوقف على معرفة حقيقتهما (قوله الجوهر والعرض) أي حقيقتهما، وحقيقة ما قام بنفسه، سواء كان مركبا وهو الجسم، أو بسيطا وهو الجوهر الفرد، وحقيقة الثاني ما قام بغيره (قوله ونقل) أي بعضهم ففاعله مستتر عائد على البعض، ويقرأ أيضا بالبناء للمجهول (قوله ابن فورك) بضم الفاء وفتح الراء من تلامذة الأشعري (قوله خالية) أي في حكم الخالية لأنه لا يدخلها حينئذ إلا العارفون لا المقلدون، والعارفون قليل، وإذا كان أكثر الأمة المشرفة على التقليد، فيكون التقليد أرجح (قوله عليكم بدين العجائز) أي والعجائز شأنهن التقليد، وحينئذ فيكون هو الأرجح لأنه فقد أمر به بعض السلف (قوله اللهم إيمان العجائز) هو الإيمان التقليدي: أي اللهم ارزقني إيمانا كإيمانهم في التقليد، فالفخر قطع عمره في النظر والاشتغال بعلم الكلام، وقد طلب التقليد عند القدوم على الدار الآخرة، فلولا أنه أرجح ما طلبه (قوله عن الأهواء) أي عن أهل الأهواء جمع هوى، والمراد بهم أهل الآراء الذين يتبعون رأيهم في العقائد، والسؤال عن اتباعهم وعدمه فقال للسائل: لا تتبعهم وعليك بدين الصبي الخ (قوله بدين الصبي) المراد بدينه التقليد (قوله الذي في الكتاب) بضم الكاف وشدّ التاء: أي المكتب: أي محل التعليم، ويحتمل أنه جمع كاتب، وفي معنى من: أي الذي من جملة الكاتبين، واحترز بهذا القيد عن الأولاد الذين شأنهم اللعب، فإنه لا يؤمن عليهم من الاعتقاد الفاسد لعدم وجود مؤدب لهم يعلمهم (قوله ودين الأعرابي) أي الذي هو التقليد، فلولا أن التقليد أرجح ما أمر به عمر بن عبد العزيز الذي هو عدل يقبل كلامه ويحتج به (قوله ما سواهما) أي ما سوى دينهما (قوله أقوى الخ) فالتقليد أرجح (قوله على كل موفق) وأما غير الموفق فربما يعتقد صحته، وفيه تلويج بذم المستدل ّ بتلك الأدلة حيث جعله غير موفق (قوله أما الثالث) أي أما بيان إبطال الدليل الثالث (قوله وهو رجحان الخ) هذا هو الدعوى لا الدليل، فالأولى أن يقول:

وهو قوّة إيمان بعض المقلدين وأرسخية اعتقادهم (قوله من المصادرة) هي أخذ المدّعي جزءا من الدليل، وهنا جعل صغرى الدليل نفس الدعوى، لأن الصغرى قائلة بعض المقلدين إيمانه أقوى، وأقوى بمعنى أرجح،

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام