فهرس الكتاب
الصفحة 10 من 517

[الحمد لله] الذي شرح صدور العلماء الراسخين، لقبول أنوار المعارف مستمدة من سواطع البراهين، وظهر لهم بآيات مصنوعاته، لكل ّ على ما قسم له بفضله في سابق قضائه، ومن ّ عليهم فيها بالنظر القويم، فأشرفوا على ما لا يحاط به ولا يكيف من عظيم جلاله وكبريائه، فتاهوا في ذلك الجمال والجلال حتى أذهلهم بعد عن عجائب أرضه وسمائه، فسبحان

من صحف الملائكة، والمن ّ والكرم الانعام (قوله شرح) أي هيأ بإزالة الرعونات البشرية. ثم في ذكر الشرح أوّل كلامه براعة استهلال بحسب التأليف، وفي ذكر البراهين والنظر القويم فيما بعد براعة بحسب الفن ّ (قوله صدور العلماء) جمع صدر أريد به القلب مجازا لعلاقة المحلية. ثم أريد بالقلب العقل الذي هو النور الروحاني لعلاقة المحلية أيضا، فهو مجاز على مجاز إن لم نقل ان إطلاق القلب على العقل حقيقة. ثم ان إسناد الشرح للعقل مجاز عقلي من إسناد ما للشيء إلى آلته لأن الشرح بمعنى التهيئة إنما للنفس (قوله الراسخين) أي الثابتين في العلم (قوله لقبول الخ) متعلق بشرح: أي قبول معارف أقوى مما ثبت لهم إذ الغرض أنهم راسخون أرباب معارف (قوله أنوار المعارف) أي المعارف والعلوم الشبيهة بالأنوار (قوله مستمدّة) خال من المعارف: أي مأخوذة منها فهو بفتح الميم، ويصح الكسر على أنه حال من الصدور: أي محصلة للمعارف من البراهين الساطعة (قوله من سواطع البراهين) من إضافة الصفة للموصوف، والسواطع جمع ساطع، وهو لغة المرتفع من الحسيات، أريد به الظاهر لعلاقة اللزوم، والبراهين جمع برهان، وهو الدليل المركب من مقدّمات يقينية (قوله وظهر) أي الله، وقوله: لهم: أي العلماء الراسخين عطف على شرح عطف مسبب على سبب، والمراد بالظهورالعلم، وقوله: بآيات مصنوعاته الاضافة بيانية: أي وعلموه سبحانه وتعالى بسبب النظر في الآيات والعلامات التي هي مصنوعاته الدالة على وجوده (قوله لكل) متعلق بظهر وهو بدل من قوله لهم: أي وظهر لكل واحد منهم ظهور علم على الوجه الذي قسمه: اي أثبته في الأزل، فظهور الباري لعباده متفاوت الرتب، فكل واحد يعلمه على الوجه الذي سبق في الأزل على ما اقتضته الحكمة (قوله بفضله) أي إحسانه متعلق بقسم أو ظهر (قوله في سابق قضائه) أراد بالسبقية الأزلية أي في قضائه الأزلي وفي بمعنى الباء والجار والمجرور متعلق بقسم بمعنى ثبت، والقضاء الارادة الأزلية أو العلم (قوله ومن عليهم) عطف على شرح وضمير عليهم للعلماء، وقوله: فيها: أي المصنوعات وقوله: بالنظر القويم: أي الصحيح الموصل لوجود الصانع، وهو النظر فيها من جهة الحدوث أو الامكان (قوله فأشرفوا) أي فتسبب عن ذلك أنهم أشرفوا: أي اطلعوا (قوله على الخ) أي على شيء لا يمكن العلم به على وجه الاحاطة لكثرته (قوله ولا يكيف) أي لا يمكن وصفه لعظم كيفيته (قوله من عظيم جلاله) بيان لما، وهو من إضافة الصفة للموصوف. واعلم أن لله صفات جمال: كالبسط والرحمة، وصفات جلال: كالقهر، والكبرياء عبارة عن الصفات

الجامعة لصفات الجلال والجمال، والمراد بها هنا ما قابل الجلال الذي هو صفات الجمال (قوله فتاهوا) أي غابوا، وقوله: في ذلك الجمال والجلال: أي اللذين عليهما، والجمال مأخوذ من الكبرياء (قوله فسبحان الخ) أفاد به أنه لا يمكن إدراك حقيقته سبحانه دفعا لما يتوهم

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام