عنه وعن الإدراك وذلك باطل (قوله: وهل قام في العمى مانع واحد الخ) يعني أنه مما اضطرب فيه أئمتنا أن العمى هل هو معنى واحد يضاد ّ آحاد الأبصار كما يضاد ّ الموت جميع أحاد العلوم والإدراكات أو هو اجتماع موانع كثيرة بعدد ما فات من آحاد الأبصار، والأوّل رأى القاضي والأستاذ والثاني هو التحقيق.
(ص) فصل: ومن الجائزات في حقه تعالى خلق العباد أعمالهم وخلق الثواب والعقاب عليها لا يجب عليه شيء من ذلك ولا مراعاة صلاح ولا أصلح وإلا لوجب أن يكون تكليف ولا محنة دنيوية ولا أخروية
لا تتحقق معه الرؤية بأن تذهب كلها أو بعضها (قوله عنه) أي المانع (قوله وذلك) أي جواز العرو ّعن المانع والإدراك (قوله باطل) أي لما سبق أن القابل للشيء لا يخلو عنه أو عن مثله أو عن ضدّه (قوله آحاد الأبصار) بفتح الهمزة والاضافة بيانية (قوله آحاد العلوم) الأولى آحاد الادراكات ليشمل آحاد السمع والبصر والعلم (قوله أو هو الخ) أي أو هو موانع مجتمعة كثيرة فهو من إضافة الصفة للموصوف.
(قوله: فصل)
أي في الكلام على بعض الجائزات في حقه تعالى (قوله خلق العباد) شامل للعقلاء والمكلفين وغيرهم (قوله وخلق أعمالهم) أي الاكتسابية الاختيارية لأنها هي التي فيها النزاع (قوله عليها) متعلق بالثواب والعقاب على سبيل التوزيع والضمير للأعمال: أي أن الثواب على الطاعات والعقاب على المخالفات مخلوق لله تعالى (قوله لا يجب الخ) أي كما أنه لا يستحيل والإشارة راجعة لما ذكر من الأطراف الثلاثة والمراد لا يجب شرعا ولا عقلا (قوله ولا مراعاة الخ) عطف على شيء من عطف الخاص على العام، والأصلح ما قابله صلاح كالثواب بلا تكليف مثلا في مقابلة الثواب مع التكليف والصلاح ما قابله فساد كالإيمان في مقابلة الكفر فاذا كان أمران أحدهما صلاح والآخر فساد وجب عند المعتزلة عليه تعالى أن يراعى لعباده الصلاح منهما فيفعله دون الفساد، وإذا كان أمران أحدهما صلاح والآخر أصلح منه وجب عليه أن يراعي لعباده الأصلح منهما وبهذا يظهر لك أن المصنف قصد الرد ّ على الطائفتين، لكن قد يقال أنه لا موقع لنفي الأصلح بعد نفي الصلاح لأن نفي الأعم يستلزم نفي الأخص، فالمناسب أن لو عكس (قوله وإلا لوجب الخ) هذا سند لنفي مراعاة الصلاح والأصلح على سبيل اللف والنشر المرتب إذ قوله لا محنة دنيوية ولا أخروية أخص من لا تكليف لأن لا تكليف يصدق بالمحنة، وحينئذ فيكون رفع التكليف الصادق بالمحنة صلاحا ورفع المحنة رأسا أصلح بالعبد. فالحاصل أن المحنة أعم من التكليف والتكليف أخص ّ منها والقاعدة أن نقيض الأخص أعم من نقيض الأعم، وحينئذ فلا تكليف أعم من لا محنة رأسا لصدقه بالمحنة فليكن لا محنة أصلا أصلح ولا تكليف صلاحا إذ رفع المحن عموما أصلح بالعبد من رفع بعضها الذي هو التكليف في المقام، وإن كان رفعه صلاحا، وقوله: وإلا لوجب الخ، لكن التالي باطل لوجود التكليف بأخبار الصادق ووقوع المحن الدنيوية وكذا