مجال النظر فيها إلا أن يوفق الله تعالى، وقد تركنا التعرض لكثير منها خشية السآمة، وفيما ذكرناه من ذلك كفاية. وبالجملة فمباحث الصفات المعنوية والمعاني متسعة جدا: وهي من مزال ّ الأقدام إلا أن يثبت الله سبحانه، فنسأله جل وعلا أن يعرفنا به ولا يفتنا في ديننا بفضله.
(ص) فصل
(ش) هذا فصل الوحدانية، وينبغي أن يقدم قبل الشروع في شرح مسائله مقدمة في معنى الوحدة وفي أقسامها فنقول: أما معنى الوحدة. فقال ناصر الدين البيضاوي في طوالعه: هي كون الشيء بحيث لا ينقسم إلى أمور متشاركة في الماهية، وتعريفه شامل للواحد الحقيقي وهو مالا ينقسم أصلا، وللواحد الاضافي وهو ما ينقسم. لكن لا إلى أمور مستوية في الحقيقة: كالإنسان المنقسم إلى الأعضاء المختلفة من يد ورجل ورأس ونحوها فإنها غير مستوية في الماهية، ويخرج من التعريف ما انقسم إلى أمور متساويات في الماهية: كجماعة نقط من عسل أو ماء أو نحوهما.
ولا عادة لأنهما من خبر آخر (قوله مجال النظر) أي العقل: أي مواضع النظر: أي أن المواضع التي يفكر فيها العقل لأجل الجواب عن هذه الاشكالات ضيقة ففي للتعليل والضمير عائد على الاشكالات، وإنما احتجنا لذلك لأن المحال محل الجولان فهي المنظور فيها لا في الاشكالات (قوله إلا أن يوفق الله) أي لشيء حسن من عنده فيترتب على ذلك إلهام الجواب (قوله من ذلك) أي من تلك الأبحاث والاشكالات (قوله وهي الخ) جملة حالية (قوله أن يعرفنا به) أي المعرفة التامة التي هي عين اليقين أو حق اليقين لا المعرفة بالدليل لحصولها.
فصل
أي في إثبات الوحدانية
(قوله وفي أقسامها) أعاد الجار إشارة إلى أنه عطف على معنى (قوله هي كون الشيء الخ) فهي أمر اعتباري (قوله بحيث الخ) هذا صادق بأن لا ينقسم أصلا أو ينقسم إلى أمور غير متشاركة في الماهية بل مختلفة فيها ولذا قال وتعريفه الخ (قوله للواحد الحقيقي) الأولى للوحدة الحقيقية لأن التعريف للوحدة لا للواحد وكذا يقال في قوله: بعد وللواحد الاضافي (قوله مالا ينقسم أصلا) أي بوجه من الوجوه كالجوهر الفرد والنقطة (قوله لكن لا إلى أمور متساوية) أي بل مختلفة (قوله كالإنسان) أي كما صدقه كزيد لأنه المنقسم للأعضاء المذكورة من انقسام الكل إلى أجزائه لا الإنسان الكلي (قوله المختلفة) أي بالشخص (قوله ونحوها) أي كالعتق والصدر (قوله فإنها غير مستوية في الماهية) فماهية اليد غير ماهية الرجل وهكذا وكذا ماهية الحجر غير ماهية الإنسان وهكذا وهذا كله على مذهب الفلاسفة القائلين بعدم اتحاد الأجسام في الماهية، وأما مذهب أهل السنة فالأجسام كلها متماثلة في الماهية فماهية اليد مماثلة لماهية الرجل وماهية الإنسان مماثلة لماهية الفرس، وهكذا فالماهيات كلها متماثلة في التركيب من جواهر فردة متماثلة، والاختلاف بينها إنما هو بمشخصات خارجة عن الحقيقة (قوله ويخرج من التعريف) من بمعنى عن لأن مالا يشمله التعريف خارج عنه لا منه (قوله كجماعة نقط)