وقال الامام في الارشاد: الواحد في اصطلاح الأصوليين هو الشيء الذي لا ينقسم، فقوله في اصطلاح الأصوليين احترز به من اصطلاح الفلاسفة فإنه يطلق عندهم على أمور تعرف مما يأتي بعد في التقسيم، قوله: هو الشيء احترز من المعدوم لأنه ليس بشيء عند أهل السنة، وقوله الذي لا ينقسم احترز من المنقسم كالجسم، فإنه يقبل القسم فلا يسمى واحدا في اصطلاح الأصوليين وإن كان يسمى واحدا في اللغة وفي اصطلاح الفلاسفة، ولو قال الواحد هو الشيء لكان سديدا، فإن كل ّ منقسم عندنا شيئان لا شيء إلا أن قوله: الذي لا ينقسم تحقيق للحقيقة ورفع للتجوز. وقد اختلف في الوحدة، فقيل هي صفة سلبية، فهي
الأولى كجملة من عسل، لأن الجماعة منقسمة بالفعل لا أنها تنقسم في المستقبل كما هو المراد (قوله وقال الامام) أي امام الحرمين (قوله الواحد) الأولى الوحدة وإن كان تعريف الواحد يتضمن تعريفها لكن عقد المبحث لها (قوله الأصوليين) أي أهل أصول الدين وهم المتكلمون (قوله هو الشيء الذي لا ينقسم) أي فالعمود وزيد والجماعة من نقط العسل لا يقال لشيء منها واحد على هذا التعريف ويقال للجوهر الفرد وللنقطة واحد على هذا التعريف وعلى ما قبله ... (قوله يطلق عندهم على أمور) أي كالواحد بالنوع والواحد بالجنس فيقال زيد وعمرو واحد بالنوع والإنسان والفرس واحد بالجنس وهذا الاطلاق يمتنع في حق الله إذ لا جنس له ولا نوع فلم يبق أن يطلق عليه الواحد إلا بمعنى أنه لا ينقسم (قوله تعرف مما يأتي الخ) أي تعرف تفصيلا مما يأتي فلا ينافي أنها تعرف إجمالا مما تقدم في تعريف البيضاوي لأن مرجع الأمور الآتية إلى الواحد الحقيقي والواحد الاضافي، وقد ذكر فيما سبق (قوله هو الشيء) الأولى إسقاط الضمير لأنه ضمير المعرّف ولا مدخل له في الاحتراز (قوله احترز الخ) المناسب خرج عنه المعدوم لأن الشيء جنس فليس قيدا للاحتراز، وفي بعض النسخ احترازا بالنصب معمول لمحذوف: أي أتى به احترازا الخ (قوله كالجسم) هو ما تركب من جوهرين فأكثر وأدخلت الكاف الخط وهو ما تركب من نقطتين، والسطح وهو ما تركب من خطين والخط يقبل القسمة طولا والسطح يقبلها طولا وعرضا ثم إن الأولى قصر الكلام على الجسم لأن الخط والسطح من الأمور الاعتبارية عند أهل السنة (قوله فإنه) أي الجسم ونحوه تحت الكاف والضمير في قوله فلا يسمى راجع لذلك أيضا (قوله وإن كان يسمى واحدا في اللغة) أي فزيد جسم باتفاق الفريقين وواحد بالشخص باصطلاح الفلاسفة دون اصطلاح أهل الكلام والعامود واحد باصطلاح اللغة وليس واحدا عند المتكلمين ولا عند الفلاسفة (قوله ولو قال الواحد هو الشيء) أي وحذف قوله الذي لا ينقسم وهذا استدراك على الامام (قوله فإن كل منقسم) أي ما قبل الانقسام (قوله شيئان) أي أو أشياء فالعمود أشياء لا شيء واحد، والشارح اقتصر على الأقل المحقق: أي وحيث كان المنقسم شيئين فأكثر فلا حاجة لقوله الذي لا ينقسم لا خراج ما ينقسم لعدم دخوله في الجنس (قوله إلا أن قوله الخ) اعتذار عن زيادة قوله: الذي لا ينقسم مع كونه مستغنى عنه هو الشيء (قوله للحقيقة) أي لكون اللفظ باقيا على حقيقته (قوله ورفع للتجوّز) أي بان يراد بالشيء